للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفعالِ النَّبيِّ في الصَّلاةِ مَسنونةٌ غيرُ واجِبةٍ، فلا يَمتَنِعُ حَملُ فِعلِه لِهذه التَّسليمةِ على السُّنةِ عندَ قيامِ الدَّليلِ عليها، واللهُ أعلَمُ، ولأنَّ التَّسليمةَ الواحدةَ يَخرُجُ بها مِنْ الصَّلاةِ، لم يَجِب عليه شَيءٌ آخَرُ فيها، ولأنَّ هذه صَلاةٌ، فتُجزِئُه فيها تَسليمةٌ واحدةٌ، ولأنَّ هذه واحدةٌ كصَلاةِ الجِنازةِ والنَّافِلةِ، وأمَّا قولُه في حَديثِ جابرٍ: «إنَّما يَكفِي أَحدَكُم»، فإنَّه يَعني: في إصابةِ السُّنةِ، بدَليلِ أنَّه قالَ: «أَنْ يَضَعَ يَدهُ على فَخِذِهِ ثم يسلِّمَ على أَخِيهِ مِنْ على يَمِينِه، وَشِمَالِه».

وكلُّ هذا غيرُ واجِبٍ، وهذا الخِلافُ الذي ذكَرناه في الصَّلاةِ المَفروضةِ.

أمَّا صَلاتَا الجِنازةِ والنَّافِلةِ، وسُجودُ التِّلاوةِ، فلا خِلافَ في أنَّه يَخرُجُ منها بتَسليمةٍ واحدةٍ، قالَ القاضي: هذا رِوايةٌ واحدةٌ، نصَّ عليه أحمدُ في صَلاةِ الجِنازةِ وسُجودِ التِّلاوةِ، ولأنَّ أصحابَ النَّبيِّ لم يسلِّموا في صَلاةِ الجِنازةِ إلا تَسليمةً واحدةً، واللهُ أعلَمُ (١).

١٢ - الطُّمَأنينة:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الطُّمأنينةِ في الصَّلاةِ، فَذَهب الشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ وأبو يُوسفَ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى أنَّ الطُّمأنينةَ رُكنٌ من أركانِ الصَّلاةِ؛ لحَديثِ المُسيءِ في صَلاتِه، وهو: أنَّ النَّبيَّ دخلَ المَسجدَ،


(١) «المغني» (٢/ ١٠٨، ١١٠)، و «الإجماع» لابن المنذر (٢٥)، و «الإفصاح» (١/ ١٧٧)، و «مواهب الجليل» (١/ ٥٣٠)، و «عون المعبود» (٣/ ٢٠٩)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٢٤١)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٧٧)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٣٦١)، و «المجموع» (٣/ ٤٢٥)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>