الكَسبِ؛ لأنَّ الشَّرعَ نهَى الولَدَ عن إلحاقِ أدنَى الأذَى بالوالدَينِ، وهو التأفُّفُ بقَولِه تعالَى: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ [الإسراء: ٢٣]، ومعنَى الأذَى في إلزامِ الأبِ الكَسبَ مع غِنَى الولَدِ أكثَرُ، فكانَ أَولى بالنَّهيِ، ولم يُوجَدْ ذلكَ في الابنِ، ولهذا لا يُحبَسُ الرَّجلُ بدَينِ ابنِه ويُحبَسُ بدَينِ أبيهِ، ولأنَّ الشرعَ أضافَ مالَ الابنِ إلى الأبِ بلَامِ المِلكِ، فكانَ مالُه كَمالِه، وكذا هو كَسبُ كَسبِه، فكانَ ككَسبِه، فكانَتْ نَفقتُه فيهِ.
الشَّرطُ الرابعُ: أنْ يَكونَ الابنُ قادرًا على نَفقةِ والِدِه، وقُدرتُه عليها تَكونُ مِنْ أحَدِ وَجهينِ:
أحَدُهما: إمَّا مِنْ يَسارٍ بمالٍ يَملكُه، فإنْ كانَ عندَه مالٌ يَفضلُ عن نَفقتِه ونَفقةِ زَوجاتِه وعِيالِه وجَبَ عليه أنْ يُنفقَ على أبيه، فإنْ كانَ فَقيرًا لا يُوجَدُ عندَه شَيءٌ فاضِلٌ عن نَفقتِه ونَفقةِ عيالِه فلا يَجبُ عليه أنْ يُنفقَ على والدِه.
والثَّاني: أنْ يَكونَ قادرًا على الكَسبِ:
نَصَّ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ على أنَّ الوَلدَ إذا كانَ فَقيرًا إلا أنه يَكتسبُ بسَببِ عَملِه فاكتَسبَ ما يُنفقُ على نَفسِه وزَوجتِه وأولادِه وفضَلَ عن قُوتِ يَومِه ولَيلتِه فَضلٌ لَزمَه أنْ يَكتسبَ ويُنفقَ على أبيه الفَقيرِ -وكذا قَرابتِه-؛ لأنَّ القُدرةَ على الكَسبِ تُجري عليه حُكمَ الغِنى وتَسلبُه حُكمَ الفَقرِ، قالَ النبيُّ ﷺ لرَجلَينِ سَألاهُ عن الزَّكاةِ: «إنْ