للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوكِّلَ أمَرَه، فالمَشهورُ أنَّ القولَ قَولُ المُوكِّلِ، وقَد قيلَ: إنَّ القولَ قَولُ الوَكيلِ أنَّه قَدْ أمَرَهُ؛ لأنَّه قَدِ ائتَمَنَه على الفِعلِ (١).

الحالةُ الثَّانيةُ: الِاختِلافُ في التَّلَفِ:

إذا اختَلفَ الوَكيلُ والمُوكِّلُ في تَلَفِ ما في يَدِ الوَكيلِ، فقالَ الوَكيلُ: تَلِفَ مالُكَ في يَدِي، أو الثَّمنُ الذي قَبَضتُه -ثَمَنُ مَتاعِكَ- تَلِفَ في يَدي، فيُكَذِّبُه المُوكِّلُ.

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ (٢) والمالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ القولَ قَولُ الوَكيلِ مَع يَمينِه. قالَ ابنُ قُدامةَ : فالقَولُ قَولُ الوَكيلِ مَع يَمينهِ؛ لأنَّه أمينٌ، وهذا ممَّا يَتعذَّرُ إقامةُ البيِّنةِ عليه، فلا يُكلَّفُ ذلك، كالمُودَعِ، وكَذلك كلُّ مَنْ كانَ في يَدِه شَيءٌ لِغيرِه على سَبيلِ الأمانةِ، كالأبِ والوَصِيِّ وأمينِ الحاكِمِ والشَّريكِ والمُضارِبِ والمُرتهَنِ والمُستأجِرِ والأجيرِ المُشترَكِ، وإنَّما كانَ كَذلك لأنَّه لو كُلِّفَ ذلك مَع تَعَذُّرِه عليه لَامتَنَعَ النَّاسُ مِنْ الدُّخولِ في الأماناتِ مَع الحاجةِ إليها، فلَحِقَهُمُ الضَّرَرُ.

قالَ القاضي : إلَّا أنْ يُدَّعى التَّلَفُ بأمْرٍ ظاهِرٍ، كالحَريقِ والنَّهبِ وشِبْهِهما، فعليه إقامةُ البيِّنةِ على وُجودِ هذا الأمْرِ في تلك النَّاحيةِ، ثم يَكونُ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٨).
(٢) «المبسوط» (١٩/ ٧٩)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٤)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٥١٥)، و «المحيط البرهاني» (٣/ ٣٣٩)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٨٢) «العناية في شرح الهداية» (١١/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>