فقالَ الحَنابِلةُ والشافِعيَّةُ في وَجْهٍ: إذا تَلَقَّى الرُّكبانَ فباعَهم شَيئًا فهو بمَنزِلةِ الشِّراءِ مِنهم، ولَهمُ الخِيارُ إذا غَبَنَهم غَبنًا يَخرُجُ عن العادةِ؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ:«لا تَلَقَّوُا الرُّكبانَ».
والبائِعُ داخِلٌ في هذا، ولأنَّ النَّهيَ عنه لِمَا فيه مِنْ خَديعَتِهم وغَبنِهم، وهذا في البَيعِ كما هو في الشِّراءِ، والحَديثُ قد جاءَ مُطلَقًا، ولو كانَ مُختَصًّا بالشِّراءِ لَأُلحِقَ به ما في مَعناه، وهذا في مَعناه.
وقالَ الشافِعيَّةُ في الوَجهِ الآخَرِ: النَّهيُ عن الشِّراءِ دونَ البَيعِ، فلا يَدخُلُ البَيعُ فيه.
وفي قَولٍ لِلحَنابِلةِ: إنَّه لا خِيارَ له، إلَّا إذا قصَد تَلَقِّيَهم (١).
إذا تَلَقَّى الرُّكبانَ بدُونِ قَصْدِ التَّلَقِّي:
لو خرَج ولَم يَقصِدِ التَّلَقِّيَ، بأنْ خرَج لِشُغلٍ أو لِاصطيادٍ ونَحوِهما، فرَآهُم فاشتَرَى مِنهم؛ فقالَ الشافِعيَّةُ في وَجهٍ -وهو اختيارُ الخِرَقيِّ، واحتِمالٌ
(١) «الحاوي الكبير» (٥/ ٣٤٨، ٣٤٩)، و «المهذب» (١/ ٢٩٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥، ٧٦)، و «طرح التثريب» (٦/ ٥٩، ٦٠)، و «المغني» (٤/ ١٥٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٩١)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٩٤).