للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كَلامِ إنْ قالَ إنَّه لا يَصحُّ أنْ يَكونَ أَصلًا قاضيًا حتى يَكونَ مِنْ أَهلِ الاجتِهادِ، ثُم يَذكرُ مِنْ شُروطِ الاجتِهادِ أَشياءَ ليسَتْ مَوجودةً في الحُكامِ فإنَّ ذلك كالأَصالةِ وكالتَّناقصِ فكأنَّه تَعطيلُ الأَحكامِ وسدٌّ لبابِ الحُكمِ وألَّا يَنفذَ حَقٌّ ولا يُكاتبُ به ولا تُقامُ البَينةُ عليه إلى غيرِ ذلك مِنْ هذه القَواعدِ الشَّرعيةِ، فكانَ هذا غيرُ صَحيحٍ، وبانَ أنَّ الصَّحيحَ أنَّ الحُكامَ اليَومَ حُكوماتُهم صَحيحةٌ نافذةٌ ووِلايتُهم جائزةٌ شَرعًا (١).

الشَّرطُ الثامنُ: أنْ يَكونَ سَميعًا بَصيرًا ناطقًا:

اتفَقَ العُلماءُ على أنَّه يُشترطُ في القاضِي أنْ يَكونَ سَليمَ الحَواسِ، سَميعًا، بَصيرًا، ناطقًا؛ لأنَّ فَقدَ هذه الحَواسِ يَمنعُ مِنْ استيفاءِ الحُكمِ بينَ الخَصمينِ.

قالَ القاضِي عِياضٌ: «اشتِراطُ السَّمعِ والكَلامِ لمْ يَختلفْ فيها العُلماءُ ابتداءً؛ لأنَّه يَتعذرُ عليهما الفَهمُ غالبًا، واختَلفَ العُلماءُ إذا طرَأَتْ هاتانِ الآفَتانِ -يَعني فَقدَ السَّمعِ والكَلامِ- بعدَ العَقدِ، هل يَبطلُ به العَقدْ ويُعزلُ أم لا؟ ويَبعدُ تَأتي القَضاءِ معَ اجتماعِ هاتينِ الآفَتينِ وقلَّما يُوجدُ أَبكمُ إلا وهو أَصمُّ» (٢).


(١) «الإفصاح» (٢/ ٣٩٥، ٣٩٩)، و «جواهر العقود» (٢/ ٢٨٩).
(٢) «تبصرة الحكام» (١/ ٢٣)، وينظر: «بدائع الصنائع» (٧/ ٣)، و «المختصر الفقهي» (١٣/ ٢٤٦)، و «البيان» (١٣/ ٢١)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ١٤٤، ١٤٥)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣٧٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٧٥، ٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>