للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الرابِعةُ: أنْ يُعدِّدَ ما يَحلِفَ به نحوَ «واللهِ لا أَفعلُ والرَّحمنِ لا أَفعلُ» أو «وعِزةِ اللهِ لا أَفعلُ»:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ مَنْ قالَ: «واللهِ العَظيمِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ» ونحو هذا مِنْ صِفاتِه ٥ أنَّها يَمينٌ واحِدةٌ سَواءٌ كانَ الاسمُ مُختَلفًا أو مُتفِقًا، فالمُختَلفُ نحوَ أنْ يَقولَ: «واللهِ الرَّحمنِ ما فَعلتُ كذا وكذا»؛ لأنَّه لَم يَذكرْ حرفَ العَطفِ، والثانِي يَصلُحُ صِفةً للأَولِ عُلمَ أنَّه أَرادَ به الصِّفةَ فيَكونُ حالِفًا بذاتِ مَوصوفٍ لا باسمِ الذاتِ على حِدةٍ وباسمِ الصِّفةِ على حِدةٍ، والمُتفقُ نحوَ أنْ يَقولَ: «واللهِ واللهِ ما فَعلتُ كذا»؛ لأنَّ الثانِي لا يَصلحُ نَعتًا للأَولِ ويَصلحُ تَكريرًا وتَأكيدًا له فيَكونُ يَمينًا واحِدةً، إلا أنْ يَنويَ به يَمينَينِ فيَكونُ على الخِلافِ السابِقِ في المَسألةِ الأُولى (١).

إلا أنَّهم اختَلَفوا إذا أَدخلَ بينَ القَسمَينِ حرفَ عَطفٍ نحوَ: «واللهِ والرَّحمنِ والعَظيمِ» هل تَتعدَّدُ الكَفارتُ أم يَلزمُه كَفارةٌ واحِدةٌ.

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه إنْ أَدخلَ بينَ القِسمَينِ حرفَ عَطفٍ بأنْ قالَ: «واللهِ والرَّحمنِ لا أَفعلُ كذا» ذكَرَ مُحمدٌ في الجامِعِ أنَّهما يَمينانِ وهو إِحدى الرِوايتَينِ عن أَبي حَنيفةَ وأَبي يُوسفَ؛ لأنَّه لَما عطَفَ أحدَ الاسمَينِ على الآخرِ فكانَ الثانِي غيرَ الأَولِ؛ لأنَّ المَعطوفَ غيرُ المَعطوفِ عليه فكانَ كلُّ واحِدٍ منهما يَمينًا على حِدةٍ بخِلافِ ما إذا لَم يَعطفْ؛ لأنَّه إذا لَم يَعطفْ أَحدَهما على الآخرِ يَجعلُ الثانِي صِفةً للأَولِ؛ لأنَّه يَصلحُ صِفةً؛


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٩)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>