للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الأولى: إذا دَعَتِ المرأةُ إلى كُفءٍ بأقَلَّ مِنْ مَهرِ مِثلِها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو دَعَتِ المَرأةُ إلى كُفءٍ بأقلَّ مِنْ مهرِ مِثلِها، هل للوليِّ أنْ يَمتنعَ مِنْ تزويجِها أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ مِنْ الحَنفيةِ إلى أنه ليسَ له أنْ يَمتنعَ مِنْ تزويجِها؛ لأنَّ المهرَ خالِصُ حَقِّها وعِوضٌ يَختصُّ بها، فلمْ يَكنْ لهم الاعتِراضُ عليها فيه كثَمنِ عَبدِها وأجرةِ دارِها، ولأنها لو أسقَطَتْه بعدَ وُجوبِه سقَطَ كلُّه، فبَعضُه أَولى، ولأنَّ النبيَّ قالَ لرجلٍ أرادَ أنْ يزوِّجَه: «الْتَمِسْ ولو خاتَمًا مِنْ حَديدٍ» (١)، وقالَ لامرأةٍ زوِّجَتْ بنَعلينِ: «أرَضِيتِ بنَعلينِ مِنْ نَفسِكِ؟ قالَتْ: نعم، فأجازَه النبيُّ » (٢)، وأنَّ هذا ليسَ بعارٍ عليهِم؛ لأنَّ عُمرَ قالَ: «لو كانَ مَكرُمةً في الدُّنيا أو تَقوى عندَ اللهِ كانَ أَولاكُم بها رَسولُ اللهِ »، يعني غُلوَّ الصَّداقِ (٣).


(١) رواه البخاري (٥٥٣٣).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (١١١٣)، وأحمد (١٥٧١٧) عن محمدِ بنِ جَعفرٍ ثَنَا شُعبةُ وحجَّاجٌ قالَ: سَمعتُ شُعبةَ عن عاصِمِ بنِ عُبيدِ اللَّهِ قالَ: سَمعتُ عبدَ اللَّهِ بنَ عامرٍ يُحدِّثُ عن أبيه أنَّ رَجلًا تَزوَّجَ امرأةً على نَعلَينِ قالَ: فأتَتِ النبيَّ فقالَتْ ذاكَ له، فقالَ: أرَضِيتِ مِنْ نَفسِكِ ومالِكِ بنَعلَينِ؟ قالَتْ: نعم، قالَ شُعبةُ فقلتُ له: كأنه أجازَ ذلكَ؟ قالَ: كأنه أجازَهُ، قالَ شُعبةُ: ثمَّ لَقيَتْه: فقالَ: أرَضِيتِ مِنْ نَفسِكِ ومالِكِ بنَعلَينِ؟ فقالَتْ: رأيتُ ذاكَ، فقالَ: وأنا أرى ذاكَ.
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٢)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ٤٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٩)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٨٢، ٨٣)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٥٦، ٢٥٧)، و «المغني» (٧/ ٢٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>