للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحِكمةُ من جَعلِ العَقيقةِ يومَ السابِعِ:

قال الإمامُ ابنُ القَيمِ : وحِكمةُ ذلك -أي: أنْ تَكونَ العَقيقةُ يومَ السابِعِ- أنَّ الطِّفلَ حينَ يُولدُ يَكونُ أمرُه مُتردِّدًا بينَ السَّلامةِ والعَطبِ، ولا يُدرى هل هو مِنْ أهلِ الحياةِ أو لا، إلى أنْ تأتيَ عليه مُدةٌ يُستدَلُّ بما يُشاهَدُ من أحوالِه فيها على سَلامةِ بنِيتِه وصِحةِ خِلقتِه وأنَّه قابِلٌ للحياةِ، وجُعل مِقدارُ تلك المُدةِ أيامَ الأُسبوعِ، فإنَّه دَورٌ يَوميٌّ كما أنَّ السَّنةَ دَورٌ شَهريٌّ.

هذا هو الزَّمانُ الذي قدَّره اللهُ يومَ خلَق السَّمواتِ والأرضَ وهو سُبحانَه خصَّ أيامَ تَخليقِ العالَمِ بسِتةِ أيامٍ، وكنَّى كلَّ يَومٍ منها باسمٍ يَخصُّه به، وخصَّ كلَّ يَومٍ منها بصِنفٍ من الخَليقةِ أوجَده فيه، وجعَل يومَ إكمالِ الخَلقِ واجتِماعِه -وهو يومُ اجتِماعِ الخَليقةِ- مجمعًا وعيدًا للمُؤمِنين يَجتمِعون فيه لعِبادتِه وذِكرِه والثَّناءِ عليه وتَحميدِه وتَمجيدِه والتَّفرغِ من أشغالِ الدُّنيا لشُكرِه والإقبالِ على خِدمتِه، وذكَر ما كان في ذلك اليومِ من المَبدأِ، وما يَكونُ فيه من المَعادِ، وهو اليومُ الذي استَوى فيه الربُّ على عَرشِه، واليومُ الذي خلَق اللهُ فيه أبانا آدمَ، واليومُ الذي أسكَنه فيه الجَنةَ واليومُ الذي أخرَجه فيه منها واليومُ الذي يَنقَضي فيه أجلُ الدُّنيا وتَقومُ الساعةُ، وفيه يَجيءُ اللهُ ويُحاسِبُ خَلقَه ويُدخلُ أهلَ الجَنةِ مَنازلَهم وأهلَ النارِ مَنازلَهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>