للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهادةُ الزَّوجِ على زنَا زَوجتِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ أحَدَ الشُّهودِ الأربعةِ الزَّوجُ، هل تُقبَلُ شَهادتُه في زنَا زَوجتِه أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه إذا شَهدَ على المرأةِ أربَعةٌ بالزِّنا أحَدُهم الزوجُ ولم يَكنْ مِنْ الزوجِ قَذفٌ قبْلَ ذلكَ أُقِيمَ عليها الحَدُّ؛ لأنَّ شَهادتَه بالقَبولِ أَولى مِنْ شهادةِ الأجنَبيِّ؛ لأنها أبعَدُ مِنْ التُّهمةِ؛ إذِ العادةُ أنَّ الرَّجلَ يستُرُ على امرأتِه ما يَلحقُه به شَينٌ، فلمْ يَكنْ مُتهَمًا في شهادتِه، فتُقبَلُ كشهادةِ الوالدِ على وَلدِه.

وإنْ قذَفَها الزوجُ أولًا وجاءَ بثَلاثةٍ سِواهُ يَشهَدونَ فهُم قذَفةٌ يُحَدونَ، ويُلاعِنُ الزوجُ؛ لأنه لمَّا سبَقَ منه القَذفُ فقدْ وجَبَ عليهِ اللِّعانُ، فهو بشَهادتِه جُعلَ دافِعًا للضَّررِ عن نَفسِه، فلا تُقبَلُ شهادتُه، والزِّنا لا يَثبتُ بشهادةِ ثَلاثةٍ، فصارُوا قذَفةً فيُحدُّونَ حَدَّ القذفِ ويُلاعِنُ الزوجُ لقَذفِ زوْجتِه.

وإنْ جاءَ هوَ وثلاثةٌ فشَهدُوا أنها قد زَنَتْ ولم يعدلُوا دُرئَ عنها وعنهُم الحَدُّ، ودُرئَ عن الزَّوجِ اللِّعانُ؛ لأنه شاهِدٌ وليسَ بقاذِفٍ؛ لأنَّ زِناها لم يَثبتْ إلا بشَهادةِ الفُسَّاقِ، ولا حَدَّ عليهِم؛ لأنَّ الفاسِقَ مِنْ أهلِ الشهادةِ، ألَا تَرَى أنَّ اللهَ تعالَى أمَرَ بالتَّوقيفِ في بيانِه، فقدْ وُجِدَ إتيانُ أربَعةِ شُهداءَ، فكيفَ يَجبُ عليهمُ الحَدُّ؟ ولا لِعانَ على الزوجِ؛ لأنه شاهِدٌ وليسَ بقاذِفٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>