للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ بعضُ الشافِعيةِ: لا تُقبَلُ شَهادةُ الابنِ على أَبيه في قِصاصٍ ولا حَدِّ قَذفٍ؛ لأنَّه لا يُقتَلُ بقَتلِه، ولا يُحدُّ بقَذفِه، فلا يَلزَمُه ذلك.

والمَذهَبُ الأولُ لِما ذَكَرنا، ولأنَّه يُتَّهمُ ولا يُتَّهمُ عليه، فشَهادتُه عليه أبلَغُ في الصِّدقِ كإِقرارِه على نَفسِه (١).

وقالَ الإمامُ العَمرانِيُّ : وتُقبَلُ شَهادةُ الوالِدِ على وَلدِه في كلِّ شَيءٍ؛ لأنَّه لا يُتَّهمُ في ذلك. وتُقبَلُ شَهادةُ الوَلدِ على الوالِدِ في غيرِ الحُدودِ والقِصاصِ، وهل تُقبَلُ شَهادتُه عليه في الحُدودِ والقِصاصِ؟ فيه وَجهانِ: ومِن أَصحابِنا مَنْ حَكاهما قَولَينِ:

أحدُهما: لا تُقبلُ؛ لأنَّ الأبَ لا يَلزَمُه الحَدُّ بقَذفِ الوَلدِ، ولا القِصاصُ بجِنايتِه عليه، فلم يَلزَمُه ذلك بقَولِه.

والثانِي: يَلزَمُه، وهو الأصَحُّ؛ لأنَّ التُّهمةَ لا تَلحَقُه بذلك، ولا يَمتنِعُ ألَّا يَلزَمَه ذلك بفِعلِه به، ويَلزَمَه بقَولِه. ألَا تَرى أنَّ الإِنسانَ لو قذَفَ نَفسَه أو قطَعَ عُضوًا من نَفسِه لم يَلزَمْه بذلك حَدٌّ ولا قِصاصٌ، ولو أقَرَّ على نَفسِه بما يُوجِبُ الحَدَّ أو القِصاصَ لزِمَه؟ (٢)

شَهادةُ الأخِ لأخيه وسائِرِ الأقاربِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على قَبولِ شَهادةِ الأخِ لأَخيه إذا كانَ عَدلًا، وكذا سائِرُ الأقارِبِ، كالعَمِّ وابنِ العَمِّ ومَن أشبَهَهم؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا


(١) «المغني» (١٠/ ١٨٦، ١٨٧).
(٢) «البيان» (١٣/ ٣١٢، ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>