للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدٍ، ولا أذِنَ فيه، والشَّاذُّ جَوازُه. وكَأنَّه رَأى أنَّ ذلك مِنْ التَّعاوُنِ على الطَّاعةِ، وعَلَى كِلَا القوليْنِ تَلزَمُه إنْ وَقَعَتْ؛ مُراعاةً لِلخِلافِ، وأفهَمُ جَوازَه لِلعاجِزِ، وهو كذلك (١).

المَسألةُ السادِسةُ: أخْذُ الأُجرةِ على الأذانِ والإقامةِ:

اختَلفَ العُلماءُ في حُكمِ أخْذِ الأُجرةِ على الأذانِ والإقامةِ، هل يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ عليها أو لا؟ على قوليْنِ:

فذَهَبَ مُتقدِّمو الحَنفيَّةِ -أبو حَنيفَةَ وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ- والشافِعيَّةُ في قَولٍ، والحَنابِلةُ في المَذهبِ (والظَّاهِرِيَّةُ) إلى أنَّه لا يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ على الأذانِ؛ لِحَديثِ عُثمانَ بْنِ أَبِي العَاصِ : قُلتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ اجعَلْنِي إمَامَ قَوْمي. فقالَ: «أنتَ إمَامُهُم، واقْتَدِ بأَضْعَفِهِمْ، واتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لا يَأْخُذُ على أَذَانهِ أجْرًا» (٢). فَلَو كانَ أخْذُ الأجْرِ على الأذانِ جائِزًا لَمَا مَنَعَه أنْ يَتَّخِذَ مَنْ يَأخُذُ عليه أجْرًا، ولأنَّه قُربةٌ لِفاعِلِه لا يَصحُّ إلَّا مِنْ مُسلِمٍ، فلَم يَستَأجِرْه عليه، كالإمامةِ.

قالَ الحَنفيَّةُ: والأصْلُ فيه أنَّ كلَّ شَيءٍ جازَ أنْ يُستَأجَرَ الكافِرُ عليه جازَ أنْ يُستَأجَرَ عليه المُسلِمُ، وما لا فلا. فكلُّ طاعةٍ يَختَصُّ بها المُسلِمُ فالِاستِئجارُ عليها باطِلٌ.


(١) «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٩٦)، و «منح الجليل» (٢/ ٢١٤).
(٢) رواه أبو داود (٦٣١)، والترمذي (٢٠٩)، والنسائي (٦٧٢)، وابن ماجه (٧١٤)، وأحمد (٤/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>