للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحدُهما: يَرجعُ؛ لأنَّه دخَلَ على أنَّ المَنافعَ له غيرُ مَضمونةٍ عليه.

والثانِي: لا يَرجعُ؛ لأنَّه انتفَعَ بها فقد استَوفَى بَدلَ ما غرِمَ، وكذلك الحُكمُ فيما تلِفَ من الأَجزاءِ بالاستِعمالِ، وإذا كانَت العَينُ وَقتَ القَبضِ أكثَرَ قيمةً من يَومِ التَّلفِ فضمِنَ الأكثَرَ يَنبَغي أنْ يَرجعَ بما بينَ القيمَتَينِ؛ لأنَّه دخَلَ على أنَّه لا يَضمنُه، ولم يَستَوفِ بَدلَه، فإنْ رَدَّها المُستعيرُ على الغاصِبِ فللمالِكِ أنْ يُضمِّنَه أيضًا؛ لأنَّه فوَّتَ المِلكَ على مالِكِه بتَسليمِه إلى غيرِ مُستحِقِّه، ويَستقرُّ الضَّمانُ على الغاصِبِ إنْ حصَلَ التَّلفُ في يَدَيه، وكذلك الحُكمُ في المُودَعِ وغيرِه (١).

المَسألةُ السادِسةُ: إذا وهَبَ العَينَ المَغصوبةَ:

لو وهَبَ الغاصِبُ العَينَ المَغصوبةَ فتلِفَت عندَ المَوهوبِ له فللمالِكِ تَضمينُ أيِّهما شاءَ باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ، إلا أنَّهم اختَلَفوا فيمَن يَستقرُّ عليه الضَّمانُ، وهل هناك فَرقٌ بينَ إذا كانَ عالِمًا بالغَصبِ أو جاهِلًا أو لا؟

قالَ الحَنفيةُ: لو وهَبَ الغاصِبُ المَغصوبَ لآخَرَ وسلَّمَه إياه فإذا كانَ مَوجودًا في يَدِ ذلك الشَّخصِ عَينًا كانَ المَغصوبُ منه مُخيَّرًا، إنْ شاءَ أجازَ الهِبةَ والتَّسليمَ وإنْ شاءَ فسَخَ الهِبةَ واستَردَّه من المَوهوبِ له، وإنْ شاءَ ضمَّنَ بدَلَه للغاصِبِ، باعتِبارِ أنَّ تَسليمَه لآخَرَ استِهلاكٌ.


(١) «المغني» (٥/ ١٥٩، ١٦٩)، و «الكافي» (٢/ ٤٠٦، ٤٠٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>