للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - خُروجُ المَنيِّ بعدَ الغُسلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا اغتَسلَ الجُنبُ ثم خرَجَ منه مَنيٌّ بعدَ ذلك هل يَجبُ عليه أنْ يُعيدَ الغُسلَ مَرةً ثانيةً أو لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه إنْ خرَجَ المَنيُّ بعدَ البَولِ فلا غُسلَ عليه؛ لأنَّه بَقيةُ المَنيِّ الذي اغتسَلَ عنه، وإنْ خرَجَ المَنيُّ قبلَ البَولِ وجَبَ الغُسلُ؛ لأنَّه بَقيةُ ماءٍ خرَجَ بالدَّفقِ والشَّهوةِ فوجَبَ الغُسلُ.

وذهَبَ الشافِعيةُ والإِمامانِ مالِكٌ وأحمدُ في رِوايةٍ عنهما إلى أنَّه يَجبُ عليه الغُسلُ على الإطلاقِ بانتِقالَ المَنيِّ لعُمومِ قَولِ النَّبيِّ : «إنَّما الماءُ من الماءِ» (١)، ولم يُفرِّقْ، ولأنَّه نَوعُ حَدثٍ، فنقَضَ مُطلقًا؛ ولأنَّ الخُروجَ يَصلحُ مُوجِبًا للغُسلِ، وهذه الرِّوايةُ عن أحمدَ اختارَها ابنُ قُدامةَ.

وذهَبَ الإمامُ مالِكٌ وأحمدُ في المَشهورِ عنه إلى أنَّه لا غُسلَ عليه مُطلقًا؛ لأنَّه جَنابةٌ واحِدةٌ فلم يَجبْ به غُسلانِ كما لو خرَجَ دُفعةً واحِدةً. قالَ الخَلَّالُ: تَواترَت الرِّواياتُ عن أبي عبدِ اللهِ: أنَّه ليسَ عليه إلا الوُضوءُ بالَ أو لم يَبُلْ، فعلى هذا استقَرَّ قَولُه (٢).


(١) رواه مسلم (٣٤٣).
(٢) «المغني» (١/ ٢٦٣)، وينظر: «بدائع الصنائع» (١/ ١٤٥)، ورد المحتار (١/ ٢٩٧)، و «القوانين الفقهية» (٢٣)، و «شرح مختصر خليل» (١/ ١٦٣)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٢٧)، و «المجموع» (٢/ ١٥٩)، و «الإفصاح» (١/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>