للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ ظاهِرُ كَلامِ ابنِ نُجيمٍ وكذا البَغدَّاديُّ وابنُ عابدِينَ الضَّمانُ مُطلقًا.

قالَ ابنُ نُجيمٍ: الوَديعةُ أَمانةٌ، إلا إذا كانَت بأَجرٍ فمَضمونةٌ، ذكَرَه الزَّيلعيُّ (١).

وقالَ ابنُ عابدِين بعدَما نقَلَ هذا القَولَ: وعلَّلُوه بأنَّ الحِفظَ حينَئذٍ مُستحَقٌّ عليه كما قدَّمْنا، فأَفادَ أنَّ الأُجرةَ تُخرِجُ الوَديعةَ عن كَونِها أَمانةً إلى الضَّمانِ.

وفي صَدرِ الشَّريعَةِ إذا سُرقَ مِنْ الأَجيرِ المُشتركِ والحالُّ أنَّه لمْ يُقصِّرْ في المُحافظَةِ يَضمنُ عندَهما، كما في الوَديعةِ التي تَكونُ بأَجرٍ، فإنَّ الحِفظَ مُستحَقٌّ عليه، وأَبو حَنيفةَ يَقولُ: الأُجرةُ في مُقابلَةِ العَملِ دونَ الحِفظِ، فصارَ كالوَديعةِ بلا أَجرٍ. اه

فأَفادَ أنَّ الوَديعةَ بأَجرٍ مَضمونةٌ اتِّفاقًا، وبلا أَجرٍ غَيرُ مَضمونةٍ اتِّفاقًا (٢).

قَبولُ قَولِ المُودَعِ في هَلاكِ الوَديعةِ أو تَلفِها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ المُودَعَ أَمينٌ، وعليه فإنَّ المُودَعَ إذا ادَّعى تَلفَ الوَديعةِ أو هَلاكَها بأَمرٍ خَفيٍّ فإنَّه مُصدَّق، وأنَّ القولَ قولُه بلا خِلافٍ.

قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ : أَجمعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أَهلِ العِلمِ على أنَّ المُودَعَ إذا أَحرزَ الوَديعةَ ثُم ذكَرَ أنَّها ضاعَت أنَّ القَولَ قَولُه، وقالَ أَكثرُهم: إنَّ القَولَ قَولُه معَ يِمينِه (٣).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : المُودَعُ أَمينٌ والقَولُ قَولُه فيما يَدَّعيه مِنْ تَلفِ الوَديعةِ بغَيرِ خِلافٍ (٤).


(١) «الأشباه والنظائر» (١/ ٢٧٦)، و «مجمع الضمانات» (١/ ١٩١).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٣٤).
(٣) «الإشراف» (٦/ ٣٣٣)، و «الإجماع» (٥٦٠).
(٤) «المغني» (٦/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>