للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كانَ بالعِراقِ، واشتُهِرت هذه القِصصُ ولم تُنكَرْ، فكانَت إجماعًا، وعمِلَ به الخُلفاءُ بعدَه، ولمْ يأتِ تَخصيصُ الحِجازِ بنِصفِ العُشرِ في شَيءٍ من الأحاديثِ عَلِمناه، لا عن عُمرَ ولا عن غيرِه من أصحابِ النَّبيِّ ؛ بل ظاهِرُ أَحاديثِهم، أنَّ ذلك في غيرِ الحِجازِ، وما وجَبَ من المالِ في الحِجازِ وجَبَ في غيرِه كالدُّيونِ والصَّدقاتِ (١).

شُروطُ مَنْ يُفرَضَ عليهم العُشرُ:

اشتَرطَ بعضُ الفُقهاءِ لأخْذِ العُشرِ من أهلِ الحَربِ إذا دخَلوا بأمانٍ، ومن الذِّميِّينَ عِدةَ شُروطٍ، وهي:

أ- البُلوغُ:

اشترَط الحَنفيةُ البُلوغَ، وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى عَدمِ اشتِراطِ هذا الشَّرطِ فقالُوا: يُؤخذُ العُشرُ من كلِّ تاجِرٍ، صَغيرًا كانَ أو كَبيرًا؛ لأنَّ الأَحاديثَ في هذا البابِ لا تُفرِّقُ بينَ صَغيرٍ وكَبيرٍ، وليسَ هذا بجِزيةٍ؛ وإنَّما هو حقٌّ يَختصُّ بمالِ التِّجارةِ؛ لتَوسُّعِه في دارِ الإِسلامِ وانتِفاعِه بالتِّجارةِ بها، فيَستوي فيه الصَّغيرُ والكَبيرُ (٢).

وأمَّا المالِكيةُ والشافِعيةُ: فمُقتَضى إطلاقِ نُصوصِهم عَدمُ اشتِراطِ هذا الشَّرطِ، فالعُشورُ عندَ الشافِعيةِ مَرجِعُها إلى الشَّرطِ والاتِّفاقِ، فإذا


(١) «المغني» (١٢/ ٦٨٤، ٦٨٥).
(٢) «الهداية» (١/ ١٠٧)، و «أحكام أهل الذمة» (١/ ١٣٦)، و «المغني» (١٢/ ٦٩٠)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٤٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>