للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثامنًا: نِكاحُ السِّرِّ:

لا خلافَ بينَ فُقهاءِ المُسلمِينَ أنَّ نكاحَ السرِّ مَنهيٌّ عنهُ.

قالَ الإمامُ ابنُ العرَبيِّ : النكاحُ عَقدٌ يَفتقرُ إلى إعلانٍ لا خِلافَ فيهِ، ونكاحُ السِّرِّ مَمنوعٌ لا خلافَ فيه (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : واتَّفقُوا على أنه لا يَجوزُ نِكاحُ السرِّ (٢).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ : وأمَّا نِكاحُ السرِّ الذي يَتواصونَ بكتمانِه ولا يُشهدونَ عليه أحَدًا فهوَ باطِلٌ عندَ عامةِ العُلماءِ، وهوَ مِنْ جنسِ السِّفاحِ (٣).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما لو حضَرَ النكاحَ شاهِدانِ؛ هل يُعتبَرُ نِكاحَ سرٍّ؟ أم لا بدَّ مِنَ الإعلانِ وعَدمِ الكِتمانِ أو التواصي بكِتمانِهِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ كلَّ نِكاحٍ حضَرَه رَجُلانِ عَدلانِ خرَجَ عن حَدِّ السرِ ولو تَواصَوا بكِتمانِه، والإعلانُ المَأمورُ بهِ إنما هوَ الإشهادُ؛ لأنهُ بحُضورِ الشاهدَينِ يَحصلُ الإعلانُ ويَخرجُ مِنْ أنْ يَكونَ سِرًّا، ولأنه لم يَصحَّ قَطُّ نهيٌّ عن نكاحِ السرِّ إذا شَهِدَ عليه عَدلانِ، ولأنَّ النكاحَ الذي يَحضرُه الناكِحُ والمُنكِحُ والمُنكَحةُ والشاهِدانِ ليسَ بسِرٍّ، قالَ الشاعِرُ:


(١) «عارضة الأحوذي» (٤/ ٣٠٦).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ١٣).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>