للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحَنابِلةُ: تَصحُّ المُضاربةُ مُعلَّقةً؛ لأنَّها إذنٌ في التَّصرُّفِ فجازَ تَعليقُه على شَرطٍ مُستقبَلٍ كالوَكالةِ، كقَولِ رَبِّ المالِ لِلعامِلِ: «إذا جاءَ زَيدٌ فضارِبْ بهذا المالِ أو اقبِضْ دَيْني مِنْ فُلانٍ، وضارِبْ به»؛ لأنَّه وَكيلُه في قَبضِ الدَّينِ، ومَأذونٌ له في التَّصرُّفِ، فجازَ جَعلُه مُضاربةً إذا قبَضه، ك: «اقبِضْ ألفًا مِنْ غُلامي وضارِبْ به» (١).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ تَعليقُ القِراضِ بأنْ يَقولَ: «إذا جاءَ رأسُ الشَّهرِ فقد قارَضتُك»؛ قياسًا على غَيرِه مِنَ العُقودِ، وكذا لو أنجَزه وعَلَّق التَّصرُّفَ، كقَولِه: «قارَضتُك الآنَ، ولكنْ لا تتصَرَّفْ إلا بعدَ شَهرٍ»، أو: «إذا جاءَ الوَقتُ الفُلانيُّ فاعمَلْ فيه»، فباطِلٌ عندَ المالِكيَّةِ، وفي الأصَحِّ عندَ الشافِعيَّةِ، وهو مُقابِلُ الأصَحِّ: يَصحُّ كالوَكالةِ (٢).

ما يَجوزُ لِلمُضارِبِ فِعلُه وما لا يَجوزُ:

١ - بَيعُ المُضارِبِ نَسيئةً:

المُضارِبُ إذا باع بالنَّسيئةِ لا يَخلو مِنْ أنْ يَكونَ قد نَهاه رَبُّ المالِ عن البَيعِ نَسيئةً، وإمَّا أنْ يَكونَ قد أذِنَ له، وإمَّا أنَّه لَم يأمُرْه ولَم يَنهَه.

فإذا نَهاه عن البَيعِ نَسيئةً فباعَ نَسيئةً؛ فإنَّه يَضمَنُ بإجماعِ العُلماءِ.


(١) «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٧٠)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥٢٢).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٧٨) رقم (١٠٢٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٨٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤١٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٠٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٠٦)، و «الشرح الصغير» (٨/ ٣٩٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>