واختَلفُوا إنْ كانَ بتَعريضٍ، فقالَ الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ والثوريُّ وابنُ أبي ليلَى: لا حَدَّ في التَّعريضِ، إلا أنَّ أبا حَنيفةَ والشافِعيَّ يَرَيانِ فيهِ التعزيرَ، وممَّن قالَ بقَولِهم مِنْ الصحابةِ ابنُ مَسعودٍ.
وقالَ مالِكٌ وأصحابُه: في التَّعريضِ الحَدُّ، وهي مَسألةٌ وقَعَتْ في زَمانِ عُمرَ فشاوَرَ عُمرُ فيها الصحابةَ فاختَلفُوا فيها عليهِ، فرَأى عُمرُ فيها الحَدَّ.
وعُمدةُ مالكٍ أنَّ الكِنايةَ قد تَقومُ بعُرفِ العادةِ والاستِعمالِ مَقامَ النصِّ الصَّريحِ، وإنْ كانَ اللفظُ فيها مُستعمَلًا في غيرِ مَوضعِه، أعني: مَقولًا بالاستِعارةِ.
وعُمدةُ الجُمهورِ أنَّ الاحتِمالَ الذي في الاسمِ المُستعارِ شُبهةٌ، والحُدودُ تُدرأُ بالشبُهاتِ.
والحَقُّ أنَّ الكِنايةَ قد تَقومُ في مَواضعَ مَقامَ النصِّ، وقد تَضعفُ في مَواضعَ، وذلك أنه إذا لم يَكثُرِ الاستِعمالُ لها (١).
ألفاظُ الصَّريحِ والكِنايةِ عندَ كلِّ مَذهبٍ:
قالَ الحَنفيةُ: صَريحُ الزِّنا إذا قالَ لرَجلٍ: «يا زاني، أو قالَ: زنَيْتَ، أو قالَ: أنتَ زاني» يُحَدُّ؛ لأنه أتَى بصَريحِ القذفِ بالزنا.
ولو قالَ:«يا زانِئُ» بالهَمزِ، أو «زنَأْتَ في الجبلِ» بالهَمزِ يُحَدُّ، ولو قالَ:«عنَيْتُ به الصُّعودَ في الجَبلِ» لا يُصدَّقُ؛ لأنَّ العامَّةَ لا تُفرِّقُ بينَ المَهموزِ والمُليَّنِ.