للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوكيلُ بالإجازةِ، وإنْ رَدَّه بطَل؛ لأنَّ التَّصرُّفَ على الإنسانِ لا يَصحُّ مِنْ غيرِ إذْنِه وإجازَتِه.

ثم إنَّما يَصحُّ صُلحُ الفُضوليِّ إذا كان حُرًّا بالِغًا (١).

بَيانُ حُكمِ الصُّلحِ:

قال الحَنفيَّةُ: لِلصُّلحِ أحكامٌ، بَعضُها أصليٌّ لا يَنفَصِلُ عنه جِنسُ الصُّلحِ المَشروعِ، وبَعضُها دَخيلٌ يَدخُلُ في بَعضِ أنواعِ الصُّلحِ دونَ بَعضٍ.

١ - أمَّا الأصلُ فهو انقِطاعُ الخُصومةِ والمُنازَعةِ بينَ المُتداعيَيْنِ شَرعًا حتى لا تُسمَعَ دَعواهما بعدَ ذلك، وهذا حُكمٌ لَازَمَ جِنسَ الصُّلحِ.

٢ - أمَّا الدَّخيلُ فأنواعٌ: منها:

أ- حقُّ الشُّفعةِ لِلشَّفيعِ وجُملَتُه أنَّ المُدَّعَى لو كان دارًا وكان بَدَلُ الصُّلحِ سِوى الدارِ مِنَ الدَّراهِمِ والدَّنانيرِ وغَيرِهما فإنْ كان الصُّلحُ عن إقرارِ المُدَّعَى عليه يَثبُتُ لِلشَّفيعِ فيها حَقُّ الشُّفعةِ؛ لأنَّه في مَعنى البَيعِ مِنَ الجانبَيْنِ، فيَجِبُ حَقُّ الشُّفعةِ، وإنْ كان الصُّلحُ عن إنكارٍ لا يَثبُتُ؛ لأنَّه ليس في مَعنى البَيعِ مِنْ جانِبِ المُدَّعَى عليه، بل هو بَذْلُ المالِ لِدَفعِ الخُصومةِ واليَمينِ، لكنْ لِلشَّفيعِ أنْ يَقومَ مَقامَ المُدَّعِي فيُدلي بحُجَّتِه على المُدَّعَى عليه، فإنْ كانت لِلمُدَّعِي بَيِّنةٌ أقامَها الشَّفيعُ عليه، وأخَذَ الدارَ بالشُّفعةِ؛ لأنَّ بإقامةِ البَيِّنةِ تَبيَّنَ له أنَّ الصُّلحَ كان في مَعنى البَيعِ، وكذلك إنْ لَم تَكُنْ له بَيِّنةٌ فحَلَفَ المُدَّعَى عليه فنَكَلَ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٤٠، ٥٣)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>