للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المالِكيَّةُ فقالوا: إذا غابَ كِلا المالَيْن لَم تَصحَّ الشَّركةُ، ولو غاب أحَدُ المالَيْن أو بَعضُه، وكان المالُ الآخَرُ حاضِرًا، صَحَّت الشَّركةُ بقَيدَيْن:

الأولُ: ألَّا تَكونَ الغَيبةُ بَعيدةً جِدًّا، بأنْ قَرُبَ كاليَومِ واليَومَيْن.

والثاني: ألَّا يَتَّجِرَ بالمالِ الحاضِرِ؛ إلا بعدَ حُضورِ المالِ الغائبِ وقَبضِه.

فإنْ بَعُدت غَيبتُه أكثَرَ مِنْ يَومَيْن امتَنعَت الشَّركةُ، وإنْ كان لا يَتَّجِرُ إلا بعدَ قَبضِه، وكذا إنْ قَرُبت غَيبتُه واتَّجَر بالحاضِرِ قبلَ قَبضِ الغائِبِ لَم تَصحَّ.

فإنْ وقَع فالرِّبحُ لَمَّا حصَل به التَّجْرُ كما في بَعيدِ الغَيبةِ، قال في «المُدوَّنةِ»: لو أخرَج أحَدُهما ألفًا، والآخَرُ ألفًا، منها خَمسُمِئةٍ غائِبةٌ، ثم خرَج رَبُّها لِيَأتيَ بها، وخرَج بجَميعِ المالِ الحاضِرِ، فلَم يَجِدْها، فاشتَرى بجَميعِ ما معه تِجارةً، فإنَّما له ثُلثُ الفَضلِ، أي: الرِّبحِ.

وهذان القيدان لابنِ يُونُسَ، ومُقتَضى كَلامِ اللَّخميِّ عَدمُ اعتبارِهما (١).

الحُكمُ إذا اختَلَّ شَرطٌ مِنْ هذه الشُّروطِ؟

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الشَّركةَ إذا فَسدَت؛ فإنَّ الرِّبحَ والخُسرانَ فيها على قَدْرِ رأسِ المالِ، فيَرجِعُ كلُّ واحِدٍ منهما برِبحِ رأسِ مالِه أو بخُسرانِ رأسِ مالِه.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٧، ٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٤٤، ١٤٥)، و «منح الجليل» (٦/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>