للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ ما أباحَه مَعدومًا أو مَوجودًا، مَعلومًا أو مَجهولًا، لكنْ لا تَكونُ الإِباحةُ عَقدًا لازِمًا كالعارِيةِ عندَ مَنْ لا يَجعلُ العارِيةَ عَقدًا لازِمًا كأَبي حَنيفةَ والشافِعيِّ، وأمَّا مالِكٌ فيَجعلُ ذلك لازِمًا إذا كانَ مُحدَّودًا بشَرطٍ أو عُرفٍ، وفي مَذهبِ أحمدَ نِزاعٌ وتَفصيلٌ (١).

وقالَ أيضًا: وتَصحُّ هِبةُ المَعدومِ كالثَّمرِ واللَّبنِ بالسَّنةِ، واشتِراطُ القُدرةِ على التَّسليمِ هنا فيه نَظرٌ بخِلافِ البَيعِ، وتَصحُّ هِبةُ المَجهولِ كقَولِه: «ما أخَذتَ من مالي فهو لك، أو مَنْ وجَدَ شَيئًا من مالي فهو له»، وفي جَميعِ هذه الصُّورِ يَحصلُ المِلكُ بالقَبضِ ونَحوِه، وللمُبيحِ أنْ يَرجعَ فيما قالَ قبلَ التَّملُّكِ، وهذا نَوعٌ لهِبةٍ يَتأخرُ القَبولُ فيه عن الإِيجابِ كَثيرًا وليسَ بإِباحةٍ، وتَجهيزُ المَرأةِ بجَهازِها إلى بَيتِ زَوجِها تَمليكٌ (٢).

الشَّرطُ الثالِثُ: أنْ يَكونَ المَوهوبُ مالًا مُتقوَّمًا:

المالُ المُتقومُ هو ما كانَ مالًا في نَظرِ الشَّرعِ له قيمةٌ يَضمنُ بها عندَ إِتلافِه.

وقد اشتَرطَ عامةُ الفُقهاءِ في المَوهوبِ أنْ يَكونَ مالًا مُتقوَّمًا، فلا يَصحُّ هِبةُ ما ليسَ بمالٍ أصلًا كالمَيتةِ والدَّمِ والخِنزيرِ، ولا هِبةُ ما ليسَ مُتقوَّمًا كالخَمرِ، وكذا كلُّ ما هو مُحرَّمٌ شَرعًا لا تَجوزُ هِبتُه (٣).


(١) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢٧٠، ٢٧١).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥١٥).
(٣) «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٩)، و «الهندية» (٤/ ٣٧٤)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٢٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٥٤٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٧٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩١)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٧٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٧١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٩٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٥٩)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>