وقالَ الإمامُ مالِكٌ ﵀: يَكونُ له ذلك كَيْلا يَشوبَ فَضلَ المُجاهِدينَ في جِهادِهم إرادةُ الدُّنيا، وذلك يَكونُ من الخُمسِ لا من أصلِ الغَنيمةِ.
قَدْرُ النَّفلِ:
ليسَ للنَّفلِ حَدٌّ أدْنى، فلِلإمامِ أنْ يَنفُلَ الثُّلثَ أو الرُّبعَ أو أقَلَّ من ذلك، كما يَجوزُ له ألَّا يَنفُلَ أصلًا.
هذا مَحَلُّ اتِّفاقٍ بينَ الفُقهاءِ، واختَلفُوا: هل للتَّنفيلِ حَدٌّ أعلى؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه ليسَ للتَّنفيلِ حَدٌّ أعلى، فلِلإمامِ أنْ يَنفُلَ السَّريةَ كلَّ ما تَغنَمُه، أو بقَدرٍ منه، كانَ يَقولَ: ما أصَبتُم فهو لكم، أو لكم ثُلثُه أو رُبعُه بعدَ الخُمسِ أو قبلَه.
وقالَ الحَنفيةُ: ليسَ للإمامِ أنْ يَقولَ ذلك للعَسكرِ كلِّه، وقالَ ابنُ الهُمامِ من الحَنفيةِ: لا يَجوزُ أنْ يَقولَ ذلك للسَّريةِ أيضًا.
وليسَ للتَّنفيلِ حَدٌّ أعلى عندَ الشافِعيةِ، بل هو مَوكولٌ إلى اجتِهادِ الإمامِ وتَقديرِه حسَبَ قيمةِ العَملِ وخَطرِه، واستدَلُّوا بما رُوي عن حَبيبِ ابنِ مَسلَمةَ أنَّ رَسولَ اللهِ ﷺ:«كانَ يُنفِّلُ الرُّبعَ بعدَ الخُمُسِ والثُّلثَ بعدَ الخُمسِ إذا قفَلَ»(١)، وهذا يدُلُّ على أنَّه مَوكولٌ لاجتِهادِ الإمامِ.
وقالَ الحَنابِلةُ: لا يَجوزُ تَنفيلُ أكثَرَ من الثُّلثِ؛ لأنَّ نَفلَ النَّبيِّ ﷺ لم يَتجاوَزِ الثُّلثَ.
(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٧٤٩)، وأحمد (١٧٥٠٠) وغيرُهما.