للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاصطِيادُ ببُندقيةِ الرَّصاصِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الاصطِيادِ ببُندقيةِ الرَّصاصِ المَوجودةِ حاليًّا، هل يَجوزُ الاصطِيادُ بها وما يُصيبُه حَلالٌ؟ أم لا يَجوزُ وهيَ مَوقوذةٌ لا يَحلُّ أكلُ ما صِيدَ بها؟

فذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ ما صِيدَ ببُندقِ الرَّصاصِ حَلالٌ.

قالَ الإمامُ الدِّرديرُ : وأما الرَّصاصُ فيُؤكَلُ به؛ لأنه أقوَى مِنْ السَّلاحِ، كذا اعتَمدَه بعضُهُم.

قالَ الإمامُ الدُّسوقيُّ : (قَولُه: كذا اعتَمدَه بَعضُهم) الحاصِلُ أنَّ الصَّيدَ ببُندقِ الرَّصاصِ لم يُوجَدْ فيه نَصٌّ للمُتقدِّمينَ؛ لحُدوثِ الرَّميِ به بحُدوثِ البارودِ في وَسطِ المِائةِ الثامِنةِ، واختَلفَ فيه المُتأخِّرونَ، فمنهُم مَنْ قالَ بالمَنعِ؛ قياسًا على بُندقِ الطِّينِ، ومنهُم مَنْ قالَ بالجَوازِ كأبي عَبدِ اللهِ القوريِّ وابنِ غازِي والشَّيخِ المَنجورِ وسيدِي عبدِ الرَّحمنِ الفاسِيِّ والشيخِ عبدِ القادرِ الفاسِيِّ؛ لِما فيه مِنْ الإنهارِ والإجهازِ بسُرعةِ الذي شُرِعَتِ الذَّكاةُ لأجْلِه، وقياسُه على بُندقِ الطِّينِ فاسدٌ؛ لوُجودِ الفارقِ، وهو وُجودُ الخَرقِ والنَّفوذِ في الرَّصاصِ تَحقيقًا، وعَدمِ ذلكَ في بُندقِ الطِّينِ، وإنما شَأنُه الرَّضُّ والكَسرُ، وما كانَ هذا شَأنَه لا يُستعملُ؛ لأنه مِنْ الوَقذِ المُحرَّمِ بنَصِّ القُرآنِ (١).


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ٣٦٠)، و «حاشية الصاوي» (٤/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>