الشَّرطُ الرابِعُ: الكَفاءةُ والهِدايةُ إلى التَّصرفِ:
نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ على أنَّه يُشتَرطُ في المُوصَى إليه أنْ يَكونَ قادِرًا على التَّصرفِ في المُوصَى به.
إلا أنَّهم اختلَفوا فيما لو كانَ أَمينًا إلا أنَّه ضَعيفٌ لا يَقدِرُ على التَّصرفِ فيما أَوصَى له به، هل يَنعزِلُ أو يُضمُّ إليه أَمينٌ قَويٌّ؟
نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَنعزلُ، بل يَضمُّ القاضي إليه مَنْ يُعينُه؛ لأنَّ الوَصيةَ إليه صَحيحةٌ لا يَجوزُ إِبطالُها، إلا أنَّ في انفِرادِه نَوعَ خَللٍ ببَعضِ المَقصودِ لعَجزِه، فيُضمُّ إليه آخَرُ تَكميلًا للمَقصودِ.
قالَ الحَنفيةُ: مَنْ أَوصَى إلى عاجِزٍ عن القيامِ بها ضَمَّ القاضي إليه غيرَه؛ لأنَّ في الضَّمِّ رِعايةَ الحَقَّينِ، حَقِّ المُوصي وحَقِّ الوَرثةِ؛ لأنَّ تَكميلَ النَّظرِ يَحصلُ به؛ لأنَّ النَّظرَ يَتمُّ بإِعانةِ غيرِه ولا يَنعزلُ؛ لأنَّ الوَصيةَ إليه صَحيحةٌ لا يَجوزُ إِبطالُها، إلا أنَّ في انفِرادِه نَوعَ خَللٍ ببَعضِ المَقصودِ لعَجزِه، فيُضمُّ إليه آخَرُ تَكميلًا للمَقصودِ، ولو شَكا الوَصيُّ إلى القاضي ذلك لا يُجيبُه حتى يَعرفَ ذلك حَقيقةً؛ لأنَّ الشاكيَ قد يَكونُ كاذِبًا تَخفيفًا على نَفسِه.
ولو ظهَرَ للقاضي عَجزُه أصلًا استُبدلَ به غيرُه رِعايةً للنَّظرِ من الجانبَينِ، ولو كانَ قادِرًا على التَّصرفِ وهو أَمينٌ فيه فليسَ للقاضي أنْ يُخرجَه؛ لأنَّه مُختارُ المَيتِ، ولو اختارَ غيرَه كانَ دونَه، فكانَ إِبقاؤُه أوْلى،