للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُرتدينَ وتُباحُ دِماؤُهم وأموالُهم، فإنْ تَحيَّزوا في مكانٍ وكانَتْ لهم مَنعةٌ وشَوكةٌ صاروا أهلَ حَربٍ كسائرِ الكفَّارِ، وإنْ كانوا في قَبضةِ الإمامِ استَتابَهم كاستتابةِ المُرتدينَ، فإنْ تابوا وإلا ضُرِبتْ أعناقُهم وكانَتْ أموالُهم فيئًا لا يَرثُهم وَرثتُهم المُسلمونَ …

وأكثَرُ الفُقهاءِ على أنهم بُغاةٌ، ولا يَرَونَ تكفيرَهُم، قالَ ابنُ المُنذرِ: لا أعلَمُ أحَدًا وافَقَ أهلَ الحَديثِ على تَكفيرِهم وجَعلِهم كالمُرتدينَ …

الصِّنفُ الرابعُ: قَومٌ مِنْ أهلِ الحَقِّ يَخرجونَ عن قَبضةِ الإمامِ ويَرومونَ خلْعَه لتأويلٍ سائغٍ وفيهِم مَنعةٌ يحتاجُ في كفِّهِم إلى جَمعِ الجَيشِ، فهؤلاءِ البغاةُ الذين نَذكرُ في هذا البابِ حُكمَهم، وواجِبٌ على الناسِ مَعونةُ إمامِهم في قِتالِ البُغاةِ … ؛ لأنهُم لو تَرَكوا مَعونتَه لَقهَرَه أهلُ البَغيِ وظهَرَ الفسادُ في الأرضِ (١).

حُكمُ قِتالِ البُغاةِ:

اتَّفقَ أهلُ العِلمِ على مَشروعيةِ قتالِ البُغاةِ، والأصلُ في قِتالِ البُغاةِ قولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ [الحجرات: ٩].

قالَ الإمامُ القُرطبيُّ : في هَذهِ الآيةِ دَليلٌ على وُجوبِ قِتالِ الفِئةِ الباغيةِ المَعلومِ بَغيُها على الإمامِ أو على أحَدٍ مِنْ المُسلمينَ، وعلى فَسادِ قَولِ مَنْ منَعَ مِنْ قتالِ المُؤمنينَ واحتَجَّ بقولِه : «قِتالُ المُؤمِنِ


(١) «المغني» (٩/ ٤، ٥)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٣٧)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٤٧٤، ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>