للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيَّةُ: يَتعيَّنُ على الوَكيلِ في الشِّراءِ في الوَكالةِ المُطلَقةِ أنْ يَتقيَّدَ بالعُرفِ، ولا يَشترِيَ إلَّا ما يَليقُ بالمُوكِّلِ، ولا يَتعَدَّاه إلى غيرِه، فإنْ خالَفَ فلِلمُوكِّلِ الخِيارُ، كما إذا وكَّله على شِراءِ ثَوبٍ أو عَبدٍ فاشترَى ما لَا يَليقُ به لَم يَلزَمْه، وله أنْ يَرُدَّه إنْ شاءَ، وهذا قَولُ ابنِ القاسِمِ، وقالَ أشهَبُ: يَلزَمُه.

وقَيَّدَ بعضُ القَرَويِّينَ الأوَّلَ بما إذا لَم يُسَمِّ له الثَّمنَ، أمَّا إذا سَمَّاه فاشترَى له به، فإنَّه يَلزَمُه، وقالَ غيرُه: يَنبَغي ألَّا يَلزَمَه إذا اشترَى له ما لا يَليقُ به، وإنْ سمَّى الثَّمنَ (١).

الشِّراءُ بأكثَرَ مِنْ ثَمَنِ المِثلِ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الوَكيلَ بالشِّراءِ إنِ اشترَى بمِثلِ القِيمةِ أو بأقَلَّ مِنْ القِيمةِ أو بزِيادةٍ يُتَغابَنُ في مِثلِها جازَ على المُوكِّلِ؛ لأنَّ هذا ممَّا يُعفَى عنه إذا لَم يَكُنِ المُوكِّلُ قدَّر له الثَّمنَ؛ لأنَّ ما يَتغابَنُ النَّاسُ به يُعَدُّ مِنْ ثَمَنِ المِثلِ، ولأنَّ الزِّيادةَ القَليلةَ ممَّا لا يُمكِنُ التَّحَرُّزُ عَنها، فلَو مُنِعَ النَّفاذُ على المُوكِّلِ لَضاقَ الأمْرُ على الوُكَلاءِ، ولامتَنَعوا عن قَبولِ الوَكالاتِ، وبِالنَّاسِ حاجةٌ إليها، فمَسَّتِ الحاجةُ إلى تَحَمُّلِها.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٧، ٥٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٩٩، ٢٠٠)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٤٧، ١٤٨)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٨٢، ٢٨٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٠، ٧٣)، و «منح الجليل» (٦/ ٦٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>