للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُكمُ عَقدِ الإجارةِ:

أجمَعَ كلُّ مَنْ يُعتَدُّ به في الإجماعِ مِنْ أهلِ العِلمِ على مَشروعيَّةِ عَقدِ الإجارةِ، واستَدَلُّوا على ثُبوتِها ومَشروعيَتها بالكِتابِ والسُّنةِ والإجماعِ والقِياسِ والحاجةِ إليها.

أمَّا بالكِتابِ: فقولُ اللهِ تَعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، وَجهُ الدِّلالةِ أنَّ الإرضاعَ بلا عَقدٍ تَبَرُّعٌ لا يُوجِبُ أُجرةً، وإنَّما يُوجِبُها ظاهِرُ العَقدِ، فتَعيَّنَ (١).

وقالَ الشافِعيُّ : وَلَو لَم يكُنْ في الإجارةِ إلَّا هَذا، لَكَفَى. وذلك أنَّ اللَّهَ تَعالى ذَكَر أنَّ المُطلَّقةَ إذا أرضَعَتْ وَلَدَ زَوجِها فإنَّه يُعطيها أجْرَها، والأُجرةُ لا تَكونُ إلَّا في إجارةٍ، والرَّضاعُ غَرَرٌ؛ لأنَّ اللَّبنَ قد يَقِلُّ، وقَد يَكثُرُ، وقَد يَكونُ الصَّبِيُّ يَشرَبُ مِنْ اللَّبنِ قَليلًا، وقَد يَشرَبُ مِنْ اللَّبنِ كَثيرًا، وقَد أجازَه اللَّهُ تَعالى (٢).

ويَدلُّ على صِحَّتِها: قولُ اللهِ تَعالى - في قِصَّةِ موسى وشُعَيْبٍ -: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص: ٢٦ - ٢٧]، فلولا أنَّ الإجارةَ كانَتْ جائِزةً في شَرعِهم لَمَا قالَتْ: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾، ولَأنكَرَ


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٨)، و «الإقناع» (٢/ ٣٤٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١٧)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٥).
(٢) «البيان» (٧/ ٢٨٥، ٢٨٦)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٣٨٨)، و «جواهر العقود» ص (٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>