سُئِل شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ ﵀: عن رَجُلٍ دفَع مالًا مُضاربةً وماتَ، فعَمِل فيه العامِلُ بعدَ مَوتِه بغَيرِ إذنِ الوَرثةِ، فهل تَنفسِخُ المُضاربةُ؟ وما حُكمُ الرِّبحِ بعدَ مَوتِ المالِكِ؟
فأجابَ: نَعَمْ تَنفسِخُ المُضاربةُ بعدَ مَوتِ المالِكِ؛ ثم إذا عَلِم العامِلُ بمَوتِه وتَصرَّفَ بلا إذنِ المالِكِ لَفظًا أو عُرفًا، ولا وِلايةَ شَرعيَّةً، فهو غاصِبٌ.
وقد اختَلَف العُلماءُ في الرِّبحِ الحاصِلِ في هذا: هل هو لِلمالِكِ فَقط، كنَماءِ الأعيانِ أو لِلعامِلِ فَقط، لأنَّ عليه الضَّمانَ، أو يَتصدَّقان به؛ لأنَّه رِبحٌ خَبيثٌ، أو يَكونُ بينَهما؟ على أربَعةِ أقوالٍ:
أصَحُّها الرابِعُ، وهو: أنَّ الرِّبحَ بينَهما كما يَجري به العُرفُ في مِثلِ ذلك، وبهذا حَكَم أميرُ المُؤمِنين عُمرُ بنُ الخَطَّابِ ﵁ فيما أخَذَه ابناه مِنْ مالِ بَيتِ المالِ فاتَّجَرا فيه بغَيرِ استِحقاقٍ، فجَعَله مُضاربةً، وعليه اعتمَد الفُقهاءُ في «بابِ المُضاربةِ»؛ لأنَّ الرِّبحَ نَماءٌ حاصِلٌ مِنْ مَنفَعةِ بَدنِ هذا، ومالِ هذا، فكان بينَهما، كسائِرِ النَّماءِ الحادِثِ مِنْ أصلَيْن، والحَقُّ لَهما لا يَعدوهما، ولا وَجهَ لِتَحريمِه عليهما، ولا لِتَخصيصِ أحَدِهما به.
وإيجابُ قِسطِ مِثلِه مِنَ الرِّبحِ أصَحُّ مِنْ قَولِ مَنْ يُوجِبُ أُجرةَ المِثلِ؛ فإنَّ المالَ قد لا يَكونُ له رِبحٌ، وقد تَكونُ أُجرَتُه أضعافَ رِبحِه، وبالعَكسِ وليس المَقصودُ مِنْ هذه المُشارَكاتِ العَملَ حتى يَستحِقَّ عليه أُجرةً، ولا