للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالحُكمِ، ويُصَرِّحُ في الإشهادِ بإرادةِ الرُّجوعِ، فإنْ لَم يُشهِدْ، كَما ذُكِرَ، فلا رُجوعَ لَه، وإنْ لَم يُمكِنْه الإشهادُ فلا رُجوعَ له أيضًا؛ لأنَّه عُذرٌ نادِرٌ.

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : ومتى أنفَقَ وأشهَدَ ثم اختَلفَ المالِكُ والعامِلُ في قَدْرِ النَّفَقةِ ففي المُصدَّقِ مِنهما احتِمالانِ لِلإمامِ، رَجَّحَ السُّبكيُّ مِنهما قَولَ المالِكِ. ولَم يُصَرِّحِ الشَّيخانِ بالمَسألةِ، وكَلامُهما في هَرَبِ الجِمالِ يَقتَضي تَصديقَ العامِلِ؛ فأنَّهما رَجَّحَا قَبولَ قَولِ الجَمَّالِ، وعَلَّلاه بأنَّ المُنفِقَ لَم يَستَنِدْ إلى ائتِمانٍ مِنْ جِهةِ الحاكِمِ؛ فيَكونُ هُنا كذلك (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إن عَجَزَ العامِلُ عن العَملِ، كضَعفِه مع أمانَتِه، ضُمَّ إليه قَويٌّ أمينٌ، ولا تُنزَعُ يَده؛ لأنَّ العَملَ مُستحَقٌّ عليه، ولا ضَرَرَ في بَقاءِ يَدِه، فإنْ عَجَزَ العامِلُ بالكُليَّةِ أقامَ العامِلُ مَقامَه مَنْ يَعمَلُ والأُجرةُ عليه في المَوضِعَيْنِ؛ لأنَّ عليه تَوفيةَ العَملِ، وهذا مِنْ تَوفِيَته (٢).

العُذرُ الثَّالث: الجائِحةُ في الحائِطِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا أُجيحَ الثَّمرُ أو بَعضُه، هَلْ تَنفَسِخُ المُساقاةُ أو لا؟

قالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : إذا أُجيحَ بَعضُ الحائِطِ سقطَ ما أُجيحَ منه إذا كانَ لا يُرجَى منه ثَمرةٌ، وما جُذَّ مِنْ النَّخلِ لَم يَلزَمْه سَقيُها، وعليه أنْ يَسقيَ ما لَم يَجُذَّ حتى يَجُذَّ، وإنْ جَذَّ غَيرُه قَبلَه.


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٤، ٣٧٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٧٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١١)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٢، ٤٥٣).
(٢) «الكافي» (٢/ ٢٩٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣٥)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>