قالَ الشَّافعيةُ في الأظهَرِ: وإنَّما لم يَضربْها في هذه الحالةِ؛ لأنَّ الجنايةَ لم تتأكَّدْ، فقدْ يكونُ ما اتَّفقَ لها لعارِضٍ قَريبِ الزَّوالِ.
قالَ النَّوويِّ ﵀: الأظهرُ: يَضربُ إنْ شاءَ، بشَرطِ أنْ يَعلمَ إفادةَ الضَّربِ كما هو ظاهِرُ القرآنِ (١).
كَيفيةُ الهَجرِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ اختِلافًا كَبيرًا في كيفيَّةِ الهَجرِ المذكورِ في قَولِه تعالَى: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤]:
فالحنفيَّةُ اختَلفُوا في كيفيَّةِ الهَجرِ على أقوالٍ:
قيلَ: يَهجرُها بأنْ لا يُجامِعَها ولا يُضاجِعَها على فِراشِه.
وقيلَ: يَهجرُها بأنْ لا يُكلِّمَها في حالِ مُضاجَعتِه إيَّاها، لا أنْ يَتركَ جِماعَها ومُضاجَعتَها؛ لأنَّ ذلكَ حقٌّ مشتَرَكٌ بينَهُما، فيكونُ في ذلكَ عليهِ مِنْ الضَّررِ ما علَيها، فلا يؤدِّبُها بما يَضرُّ بنَفسِه ويُبطِلُ حقَّهُ.
وقِيلَ: يَهجرُها بأنْ يُفارِقَها في المَضجعِ ويُضاجِعَ أخرَى في حقِّها
(١) «البيان» (٩/ ٥٢٨، ٥٢٩)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٢٢٩، ٢٣١)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٤١٦، ٤١٧)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٧٥٢)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٢٤)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٢١٦، ٢١٧)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٤٥١)، و «الديباج» (٣/ ٣٦٦)، و «المغني» (٧/ ٢٤١، ٢٤٢)، و «الكافي» (٣/ ١٣٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٤٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٣٧، ٢٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٣٣٠، ٣٣١).