للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا أجَّرَ المُستَأجِرُ الدَّارَ، أوِ الأرضَ مِمَّنْ آجَرَه، هَلْ يَصحُّ أو لا؟

فذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يُؤجِّرَها مِنْ مالِكِها كَغَيرِه، لأنَّ كلَّ مَملوكٍ جازَ أنْ يُملكَ لِغَيرِ مَنْ ملكَه جازَ أنْ يُملكَ لِمَنْ ملكَه، أصْلُه الأعيانُ، فكلُّ عَقدٍ جازَ مع غيرِ العاقِدِ جازَ مع العاقِدِ، كالبَيعِ، ولأنَّه عَقدٌ على مَنفَعةٍ يَصحُّ أنْ يَملِكَها بِعِوَضٍ، جازَ أنْ يَملِكَها مَنْ يَصحُّ أنْ يَملِكَ مِثلَها، أصْلُه العَقدُ عليها مِنْ الأجنَبيِّ.

وَذَهَبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ أنْ يُؤجِّرَ المُستَأجِرُ الدَّارَ أوِ الأرضَ مِمَّنْ آجَرَه، سَواءٌ كانَ قبلَ القَبضِ أو بَعدَه؛ لأنَّ ذلك يُؤدِّي إلى تَناقُصِ الأحكامِ؛ لأنَّ التَّسليمَ مُستحَقٌّ على الكِراءِ، فإذا اكتَراها صارَ التَّسليمُ مُستحَقًّا لَه؛ فيَصيرُ مُستَحِقًّا لِمَا يُستحَقُّ عليه، وهذا تَناقُضٌ.

واختَلفَ مَشايِخُ الحَنفيَّةِ هَلْ يَكونُ ذلك نَقضًا لِلعَقدِ الأولِ أو لا؟ والأصَحُّ أنَّ العَقدَ يَنفَسِخُ.

المَسألةُ الخامِسةُ: هَلْ لِلمُؤجِّرِ أنْ يُؤجِّرَ ما استَأجَرَه بأكثَرَ ممَّا استَأجَرَها بهِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يَجوزُ لِلمُؤجِّرِ أنْ يُؤجِّرَ العَينَ بمِثلِ ما أستَأجَرَها به، أو بأقَلَّ، واختَلفوا: هَلْ يَجوزُ له أنْ يُؤجِّرَها بأكثَرَ ممَّا أجَّرَها به أو لا؟

فذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشَّافعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَجوزُ لِلمُستَأجِرِ أنْ يُؤجِّرَ العَينَ المُستَأجَرةَ بأزيَدَ ممَّا استَأجَرَها به،

<<  <  ج: ص:  >  >>