للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُوجدَ هذه الشُّروطُ عندَ الوَصيةِ والمَوتِ معًا، فلو كانَ عندَ الوَصيةِ فاسِقًا وعندَ المَوتِ عَدلًا لم تَصحَّ، وكذا إذا كانَ مَجنونًا عندَ الوَصيةِ وكانَ فائِقًا عندَ المَوتِ أو العَكسِ؛ لأنَّها شُروطٌ لعَقدٍ فتُعتبَرُ حالَ وُجودِه كسائِرِ العُقودِ.

وذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في قَولٍ (وهو مُقتَضى مَذهبِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ (١) إلى أنَّه تُعتبَرُ الشُّروطُ حالَ المَوتِ فحَسْبُ كالوَصيةِ له، لا عندَ الإِيصاءِ ولا بينَهما؛ لأنَّ شُروطَ الشَّهادةِ تُعتبَرُ عندَ أَدائِها لا عندَ تَحمُّلِها كذلك ههنا، فلو كانَت الشُّروطُ كلُّها مُنتفيةً أو بعضُها حالَ العَقدِ ثم وُجدَت حالةَ المَوتِ لصَحَّت الوَصيةُ.

وفي قَولٍ ثالِثٍ للشافِعيةِ وللحَنابِلةِ أنَّه في الحالتَينِ جَميعًا عندَ الوِصايةِ وعندَ المَوتِ وفيما بينَهما (٢).

إذا تَغيَّرت حالُ الوَصيِّ:

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : «فإنْ تَغيَّرت حالُه أُخرِجت الوَصيةُ من يَدِه وضُمَّ إليه إذا كانَ ضَعيفًا أَمينٌ معه، فإنْ أَوصَى إلى غيرِ ثِقةٍ فقد أخطَأَ على غيرِه فلا يَجوزُ ذلك».


(١) لم يَنصَّ الحَنفيةُ والمالِكيةُ صَراحةً على أنَّه يُشتَرطُ في هذه الصِّفاتِ أنْ تَتوافرَ عندَ الإِيصاءِ أو المَوتِ، لكنَّ تَصريحَهم ونُصوصَهم في المُوصَى له أنَّه تُعتبَرُ فيه الشُّروطُ عندَ المَوتِ كما تَقدَّمَ في شُروطِ المُوصَى له.
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٥٦٤)، و «كفاية الأخيار» (٣٩٥)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ٤٠٥)، و «المغني» (٦/ ١٤٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥٧٩)، و «المبدع» (٦/ ١٠٢)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٨٨، ٢٨٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>