الرُّكنُ الثَّاني: المدَّةُ:
الزوجُ إذا حلَفَ أنْ لا يجامِعَ زَوجتَه فهذا لا يَخلو حالُه: إمَّا أنْ يُحدِّدَ مدَّةً مُعيَّنةً، وإما أنْ يَحلِفَ مُطلِقًا.
وإذا حدَّدَ مدَّةً معيَّنةً: إما أنْ تَكونَ أربعةَ أشهُرٍ أو أقلَّ أو أزيَدَ مِنْ أربعةِ أشهُرٍ.
فإذا حلَفَ أنْ لا يُجامِعَ زوْجتَه مدَّةً مُعينةً فهذا لا يَخلو مِنْ ثلاثِ حالاتٍ:
الحَالةُ الأُولى: إذا حلَفَ أنْ لا يُجامِعَ زوْجتَه أقَلَّ مِنْ أربَعةِ أشهُرٍ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الزوجَ إذا حلَفَ أنْ لا يُجامِعَ زوْجتَه أقلَّ مِنْ أربَعةِ أشهُرٍ فلا يَصيرُ مُوليًا بل هو حالِفٌ، فإنْ جامَعَها قبلَ مُضيِّ المدَّةِ المَحلوفِ عليها فعَليهِ كفَّارةُ اليَمينِ فقطْ، ولا شيءَ عليه آخَرَ؛ لأنَّ المُولي مَنْ لا يَملكُ قُربانَ امرَأتِه في المدَّةِ إلا بشيءٍ يَلزمُه، وإذا عقَدَ يَمينَه على أقلَّ مِنْ أربعةِ أشهُرٍ كشَهرٍ مَثلًا فهو يَتمكَّنُ مِنْ قُربانِها بعدَ مُضيِّ الشهرِ مِنْ غيرِ أنْ يَلزمَه شيءٌ، فلمْ يَكنْ مُوليًا كما في تَركِ مُجامَعتِها مدَّةً بغَيرِ يَمينٍ، قالَ اللهُ تعالَى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [البقرة: ٢٢٦]، والإيلاءُ هو اليَمينُ، وقد ثبَتَ أنه إنْ ترَكَ جِماعَها بغيرِ يَمينٍ لا يُكسِبُه حُكمَ الإيلاءِ، وإذا حلَفَ على أقلَّ مِنْ أربعةِ أشهُرٍ فمضَتْ مدَّةُ اليَمينِ كانَ تارِكًا لجَماعِها فيما بَقيَ مِنْ مدَّةِ الأربعةِ الأشهرِ التي هيَّ التربُّصُ بغيرِ يَمينٍ، وتَركُ جِماعِها بغيرِ يَمينٍ لا تأثيرَ له في إيجابِ البَينونةِ، وما دونَ الأربعةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute