للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنَّه يُنجَّسُ، وهو قَولُ أبي القاسمِ الأنماطيِّ؛ لأنَّه ماءٌ قَليلٌ لاقَى نَجاسةً، فأشبَهَ ما إذا وقَعَت فيه نَجاسةٌ.

والثالِثُ: أنَّه إنِ انفصَلَ والمَحلُّ طاهِرٌ فهو طاهِرٌ، وإنِ انفصَلَ والمَحلُّ نَجسٌ فهو نَجسٌ، وهو قَولُ أبي العَباسِ بنِ القاصِّ؛ لأنَّ المُنفصلَ في جُملةِ الباقي في المَحلِّ، فكانَ حُكمُه في النَّجاسةِ والطَّهارةِ حُكمَه (١).

الماءُ المُستعمَلُ عندَ الحَنابِلةِ:

ظاهِرُ المَذهبِ عندَ الحَنابِلةِ أنَّ الماءَ الذي استُعملَ في رَفعِ الحَدثِ ولم يَتغيرْ أحدُ أَوصافِه طاهِرٌ غيرُ مُطهِّرٍ، لا يَرفعُ حَدثًا ولا يُزيلُ نَجسًا.

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ أُخرى: أنَّه طاهِرٌ مُطهِّرٌ يَرفعُ الحَدثَ ويُزيلُ الخَبثَ (٢)؛ لأنَّه غُسلَ به مَحلٌّ طاهِرٌ، فلم تَزلْ به طَهوريتُه كما لو غسَلَ به الثَّوبَ، ولأنَّه لاقَى مَحلًّا طاهِرًا فلا يَخرجُ عن حُكمِه بتَعدِّيه الفَرضَ به، كالثَّوبِ يُصلَّى فيه مِرارًا.

أمَّا الماءُ المُستعمَلُ في طَهارةٍ مُستحَبةٍ غيرِ واجِبةٍ كتَجديدِ الوُضوءِ والغَسلةِ الثانيةِ والغَسلةِ الثالِثةِ في الوُضوءِ، والغُسلِ للجُمعةِ والعِيدَينِ وغيرِها ففيه رِوايتانِ:


(١) «المهذب» (١/ ٨)، و «المجموع» (٢/ ١٣٩، ١٤٠)، وراجع كلام النووي فإنه مفيد.
(٢) وبه قالَ الحسنُ وعطاءٌ والنَّخعيُّ والزُّهريُّ ومَكحولٌ وأهلُ الظاهرِ، والرِّوايةُ الثانيةُ لمالِكٍ، والقولُ الثاني للشافِعيِّ. وهواختِيارُ شيخِ الإِسلامِ ابنِ تَيميَّةَ «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥١٩)، وابن المنذر. انظر: «الأوسط» (١/ ٢٨٥، ٢٨٨)، و «المغني» (١/ ٤٦)، وهو أيضًا قولُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ وابنِ عمرُ وأبي أُمامةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>