للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشتغلَ بالفُتيا والتَّدريسِ؛ لأنَّ ذلك أَسلمُ. وعلى هذا يُحملُ امتناعُ ابنِ عُمرَ حينَ دَعاه عُثمانُ إلى القَضاءِ. وكذلك رُويَ: «أنَّ أَبا ذرٍّ طُلبَ للقَضاءِ فهرَبَ، فقيلَ له: لو وُليتَ وقَضيتَ بالحَقِّ؟ فقالَ: مَنْ يَقعُ في البَحرِ إلى كم يَسبحُ؟».

وإنْ كانَ لا مالَ له يَكفيه ويَرجو بالقَضاءِ أَخذَ الرِّزقِ عليه مِنْ بَيتِ المالِ يُستحبُّ له القَضاءُ؛ لأنَّه لا بدَّ له مِنْ مُكتسبٍ، واكتِسابُه بتَولي الطاعةِ أَولى مِنْ الاكتِسابِ بغيرِه.

وكذلك: إذا كانَ معَه مالٌ يَكفيه إلا أنَّه خاملُ الذِّكرِ لا يَقصدُه الناسُ للفُتيا والتَّدريسِ، فيُستحبُّ له القَضاءُ؛ ليَشتهرَ في الناسِ ويُنتفعُ بعِلمِه» (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: «يُباحُ طَلبُ القَضاءِ إذا كانَ المُباشرُ له ليسَ أهلًا للقَضاءِ.

وكذا مَنْ كانَ مِنْ أَهلِ القَضاءِ ويُوجدُ غيرُه مثلُه في الأَهليةِ، فله أنْ يَليَه ولا يَجبُ عليه الدُّخولُ فيه؛ لأنَّه لمْ يَتعينْ عليه» (٢).

الحُكمُ الرابعُ: مَنْ يُكرهُ له تَولي القَضاءِ:

نصَّ الفُقهاءُ على أنَّ القَضاءَ يُكرهُ في حالاتٍ:

قالَ الحَنفيةُ: «يُكرهُ القَضاءُ إذا كانَ صالحًا للقَضاء لكنَّ غيرَه أَقومُ به وأَصلحُ.


(١) «البيان» (١٣/ ١٢، ١٣).
(٢) «كشاف القناع» (٦/ ٣٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>