للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنِ اضْطرَّ، وهو مَنصوصُ الإمامِ أحمَدَ في غيرِ روايةٍ، واختيارُ ابنِ عَقيلٍ.

وقيلَ بالجوازِ في دارِ الحَربِ مع الضرورةِ.

قالَ الزَّركشيُّ: وهو اختيارُ طائفةٍ مِنْ الأصحابِ، ونَصَّ عليهِ الإمامُ أحمَدُ أيضًا (١).

نكاحُ المَجوسيَّةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ إلا أبا ثَورٍ -وابنَ حزمٍ- على أنه لا يَحلُّ نكاحُ المَجوسيةِ؛ لأنها ليسَتْ مِنْ أهلِ الكتابِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ [البقرة: ٢٢١]، وقولِه: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ [الممتحنة: ١٠]، فرخَّصَ مِنْ ذلكَ في أهلِ الكتابِ، فمَن عَداهُم يبقَى على العُمومِ.

ولم يَثبتْ أنَّ للمَجوسِ كتابًا، قالَ اللهُ : ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾ [الأنعام: ٩٢] إلى قولِه: ﴿أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا﴾ [الأنعام: ١٥٦]، معناهُ: أي أنزلَتْ عليكُم لئلَّا تقولُوا إنَّما أُنزلَ الكِتابُ على طائفَتينِ مِنْ قبْلِنا، ولو كانَ المَجوسُ مِنْ أهلِ الكِتابِ لَكانَ أهلُ الكِتابِ ثَلاثَ طَوائفَ، فيُؤدِّي إلى الخُلفِ في خبَرِه ﷿ وذلكَ مُحالٌ، على أنَّ هذا لو كانَ حِكايةً عن قَولِ المُشركينَ لَكانَ دَليلًا على ما قُلنَا؛ لأنه حكَى عنهُم القولَ ولم يَعقبْه بالإنكارِ عليهم والتكذيبِ إيَّاهم، والحَكيمُ إذا حكَى عن مُنكَرٍ غيَّرَه.


(١) «الإنصاف» (٨/ ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>