للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخيارِ جازَ؛ لأنَّه جائِزٌ، فجازَ إبقاؤُه على جَوازِه (١).

ابتِداءُ مُدَّةِ الخِيارِ:

اختلَف الفُقهاءُ فيما إذا تَبايَعا بشَرطِ الخيارِ هل تُحسَبُ مُدَّةُ الخيارِ مِنْ وَقتِ العَقدِ أو مِنْ وَقتِ التَّفرُّقِ؟

فذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ عندَهما إلى أنَّ مُدَّةَ الخيارِ تَبدَأُ مِنْ وَقتِ العَقدِ، وليسَ مِنْ وَقتِ التَّفرُّقِ؛ لأنَّها مُدَّةٌ مُلحَقةٌ بالعَقدِ، فأشبَهَتِ الأجَلَ، ولأنَّ الِاشتِراطَ سَبَبُ ثُبوتِ الخِيارِ، فيَجِبُ أنْ يَتعقَّبَه حُكمُه، كالمِلْكِ في البَيعِ، ولأنَّا لو جَعَلْنا ابتِداءَها مِنْ حينِ التَّفَرُّقِ أدَّى إلى جَهالَتِهِ؛ لأنَّا لا نَعلَمُ مَتَى يَتفرَّقانِ؛ فلا نَعلَمُ متى ابتِداؤُه، ولا وَقتَ انتِهائِه، ولا يُمنَعُ ثُبوتُ الحُكمِ بسَبَبَيْنِ، كتَحريمِ الوَطءِ بالصِّيامِ والإحرامِ والظِّهارِ.

فعلى هذا: إذا اصطَحَبا في مَجلِسِ العَقدِ أربَعةَ أيَّامٍ كانَ الخيارُ لَهما في مُدَّةِ الثَّلاثةِ بالشَّرعِ والشَّرطِ، وفيما بعدَ الثَّلاثةِ بالشَّرعِ.

وعلى هذا إنْ شرَطا أنْ يَكونَ ابتِداءُ الخيارِ مِنْ حينِ التَّفرُّقِ بطَل البَيعُ؛ لأنَّ ابتِداءَ الخيارِ يَكونُ مَجهولًا.

وقالَ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ عندَهما بأنَّ مُدَّةَ الخيارِ تَبدَأُ مِنْ حينِ التَّفرُّقِ؛ لأنَّ الخيارَ ثابِتٌ في المَجلِسِ حُكمًا، فلا حاجةَ إلى إثباتِه بالشَّرطِ، ولأنَّ حالةَ المَجلِسِ كحالةِ العَقدِ؛ لأنَّ لَهما فيه الزِّيادةَ والنُّقصانَ، فكانَ


(١) «المغني» (٤/ ١٥)، و «الكافي» (٢/ ٤٨)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٧١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>