للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الثالِثُ: نِيةُ التِّجارةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يُشتَرطُ في زَكاةِ مالِ التِّجارةِ أنْ يَكونَ نَوى عندَ شِرائِه أو تَملُّكِه أنَّه للتِّجارةِ، فليسَ كلُّ ما يَشتَريه الإِنسانُ من أَشياءَ وأمتِعةٍ وعُروضٍ يَكونُ مالَ تِجارةٍ، فقد يَشتَري ثيابًا لِلبسِها أو أثاثًا لبَيتِه أو دابَّةً أو سيارةً للرُّكوبِ فلا يُسمَّى شيءٌ من ذلك تِجارةً إلا بقَصدِ بَيعِه والرِّبحِ منه.

فالإِعدادُ لِلتِّجارةِ يَتضمَّنُ عُنصُرَينِ: عَملًا ونِيةً، فالعَملُ هو البَيعُ والشِّراءُ، والنِّيةُ هي قَصدُ الرِّبحِ، فلا يَكفي في التِّجارةِ أحَدُ العُنصرَينِ دونَ الآخَرِ، لا يَكفي مُجرَّدُ النِّيةِ والرَّغبةِ في الرِّبِحِ دونَ مُمارَسةِ التِّجارةِ بالفِعلِ (١) ولا تَكفي المُمارَسةُ بغيرِ النِّيةِ والقَصدِ.

والنِّيةُ المُعتبَرةُ هي ما كانَت مُقارِنةً لدُخولِه في مِلكِه؛ لأنَّ التِّجارةَ عَملٌ فيَحتاجُ إلى النِّيةِ مع العَملِ، فلو ملَكَه للقِنيةِ، ثم نَواه للتِّجارةِ لم يَصِرْ لها، ولو ملَكَه للتِّجارةِ ثم نَواه للقِنيةِ وألَّا يَكونَ للتِّجارةِ صارَ للقِنيةِ، وخرَجَ عن أنْ يَكونَ مَحلًّا للزَّكاةِ، ولو عادَ فنَواه للتِّجارِة؛ لأنَّ تَركَ التِّجارةِ من قَبيلِ التُّروكِ والتَّركَ يُكتَفى فيه بالنِّيةِ كالصَّومِ.

قال أبو الوَليدِ الباجيُّ: الأَموالُ على ضَربَينِ: أحدُهما:

مالٌ أصلُه التِّجارةُ كالذَّهبِ والفِضةِ، فهذا على حُكمِ التِّجارةِ حتى يَنتقِلَ عنه.


(١) وهذا على قَولِ الجُمهورِ، وذكَر ابنُ عَقيلٍ وأبو بَكرٍ من الحَنابِلةِ أنَّ عَرضَ القِنيةِ يَصيرُ لِلتِّجارةِ بمجرَّد النيَّةِ، وحَكَوْه رِوايةً عن أحمدَ لِحَديثِ سَمُرةَ السابِقِ. انظر: «المغني» (٤/ ٧)، و «الفروع» (٤/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>