والشَّرطُ الثاني: أنْ يَكونَ الوَلدُ فَقيرًا لا مالَ له: فإنْ كانَ له مالٌ كانَتْ نَفقتُه في مالِه لا على أبيهِ؛ لأنها مُواساةٌ لا تَجبُ إلا مع الفَقرِ، وبهذا قالَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ، فإنْ كانَ له مالٌ لا يَكفِي وجَبَ إتمامُ كِفايتِه.
والشَّرطُ الثالثُ: أنْ يَكونَ الابنُ عاجِزًا عن الكَسبِ، وعَجزُه عنه يَكونُ بأحَدِ أمرَينِ: إما بنُقصانِ خَلقِه، وإمَّا بنُقصانِ أحكامِه.
فإنْ كانَ عاجِزًا عن الكَسبِ تَجبُ نَفقتُه على أبيه، وإنْ كانَ مُستغنِيًا بكَسبٍ فلا نَفقةَ له؛ لأنها تَجبُ على سَبيلِ المُواساةِ.
فإنْ كانَ له كَسبٌ لا يَكفِي وجَبَ إتمامُ كِفايتِه، وبهذا قالَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ.
هل تَجبُ النَّفقةُ على أولادِه الكِبارِ البالغِينَ الَّذينِ لا مالَ لهُم ولا كسْبَ؟
قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ ﵀: واختَلفُوا في نَفقةِ مَنْ بلَغَ مِنْ الأبناءِ ولا مالَ له ولا كسْبَ.
فقالَتْ طائِفةٌ: على الأبِ أنْ يُنفقَ على وَلدِ صُلبِه الذُّكورِ حتى يَحتلِموا، والنِّساءِ حتَّى يُزوَّجنَ ويُدخَلَ بهنَّ، فإنْ طلَّقَها بعدَ البِناءِ أو ماتَ عنها فلا نَفقةَ لها على أبيها، وإنْ طلَّقَها قبلَ البِناءِ فهيَ على نَفقتِها، ولا نَفقةَ لوَلدِ الوَلدِ على الجَدِّ، هذا قَولُ مالِكٍ.
وقالَتْ طائِفةٌ: يُنفقُ على وَلدِه حتَّى يَبلغَ الحُلمَ والمَحيضَ، ثمَّ لا نَفقةَ