أمَّا الحَنفيَّةُ ففَرَّقوا فقالوا: إنْ كانَ الِاطِّلاعُ على العَيبِ قبلَ القَبضِ فلِلمُشتَري أنْ يَرُدَّه عليه ويَنفسِخَ العَقدُ بقَولِه: رَدَدتُ، ولا يَحتاجُ إلى رِضا البائِعِ ولا إلى قَضاءِ القاضي.
ثم إذا رَدَّه برِضا البائِعِ كانَ فَسخًا في حَقِّهما، وبَيعًا في حَقِّ غيرِهما، وإنْ رُدَّ بقَضاءٍ كانَ فَسخًا في حَقِّهما وفي حَقِّ غيرِهما هكذا (١).
حُكمُ ما لو اشتَرَى شَيئَيْنِ فوجَد بأحَدِهما عَيبًا:
اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ اشتَرَى شَيئَيْنِ لا يَقومُ أحَدُهما إلَّا بالآخَرِ، كالخُفَّيْنِ والنَّعلَيْنِ، أو مِصراعَيِ البابِ، فوجَد بأحَدِهما عَيبًا فإنَّه لا يَرُدُّه وَحدَه، وإنَّما هو مُخيَّرٌ بينَ أنْ يَرُدَّهما جَميعًا أو يُمسِكَهما جَميعًا؛ لأنَّهما في الصُّورةِ شَيئانِ، وفي المَنفَعةِ والمَعنَى كشَيءٍ واحِدٍ؛ فإنَّه لا يَتَأتَّى الِانتِفاعُ المَقصودُ بأحَدِهما دونَ الآخَرِ، والمُعتبَرُ هو المَعنَى.
(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٥٧)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٦٠٣)، و «الهندية» (٣/ ٦٦)، و «الإشراف» (٢/ ٤٨٥) رقم (٨٠٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٢٩)، و «الشرح الكبير» لابن قدامة (٤/ ٩٦)، و «المبدع» (٤/ ٩٧)، و «التعليقة الكبيرة» (٣/ ٤٧٣، ٤٧٥).