للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقطعْ أيضًا، وبه قالَ الشافعيُّ وأبو ثَورٍ وابنُ المُنذرِ؛ لأنهُما لم يَتفِقَا على الشهادةِ بشَيءٍ واحدٍ، فأشبَهَ ما لو اختَلفَا في الذُّكوريةِ والأُنوثيةِ.

وقالَ أبو الخطَّابِ: يُقطَعُ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ وأصحابِ الرأيِ؛ لأنَّ الاختِلافَ لم يَرجعْ إلى نَفسِ الشَّهادةِ، ويُحتملُ أنَّ أحَدَهما غلَبَ على ظَنِّه أنه هَرويٌّ والآخَرَ أنه مَرويٌّ، أو كانَ الثَّوبُ فيه سَوادٌ وبَياضٌ.

قالَ ابنُ المُنذرِ: اللَّونُ أقرَبُ إلى الظُّهورِ مِنْ الذُّكوريةِ والأنوثيةِ، فإذا كانَ اختِلافُهما فيما يَخفَى يُبطلُ شَهادتَهما، ففيما يَظهرُ أَولى، ويُحتملُ أنَّ أحَدَهما ظَنَّ المَسروقَ ذكَرًا وظَنَّه الآخَرُ أُنثى، فقدْ أوجَبَ هذا رَدَّ شَهادتِهما، فكذلكَ هاهُنا (١).

هل يَثبتُ حدُّ السَّرقةُ باليَمينِ المردُودةِ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو ادَّعى إنسانٌ على آخَرَ بسَرقةِ مالٍ فنكَلَ المُدَّعى عليه عن اليَمينِ ورُدَّتْ على المُدَّعي وحلَفَ، هل يُقطَعُ مَنْ نكَلَ عن اليَمينِ في هذهِ الحالةِ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ -وقيلَ: هو المَذهبُ- والحَنابلةُ إلى أنه لا تُقطعُ يَدُه؛ لأنَّ القَطعَ في السرقةِ حَقُّ اللهِ تعالى، لكنْ يَثبتُ المالُ عليهِ.

وكذا إذا شَهدَ رَجلٌ وامرأتانِ عليه لا تُقطَعُ يَدُه ويَثبتُ المالُ عليهِ (٢).


(١) «المغني» (٩/ ١١٨، ١١٩)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.
(٢) «الهداية» (٣/ ١٥٨)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٩٩)، و «البحر الرائق» (٧/ ٢٠٨)، و «حاشية ابن عابدين على الدر المختار» (٥/ ٥٥١، ٥٥٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٦٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٥٦)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٨٧) «روضة الطالبين» (٦/ ٥٨١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٦)، و «المغني» (٩/ ١١٨)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>