يَستَجِدُّ فيما بعدَ، جازَ، وكُلُّ ما يَصحُّ في المَعلومِ والمَجهولِ كانَ القَبولُ فيه على التَّراخي، كالوَصيَّةِ.
وذهَب المالِكيَّةُ في قَولٍ والشَّافِعيَّةُ في وَجهٍ أنَّه لا يَصحُّ القَبولُ على التَّراخي؛ لأنَّه عَقدٌ في حالِ الحَياةِ يَفتَقِرُ إلى القَبولِ، فاشتُرِطَ أنْ يَكونَ القَبولُ فيه على الفَورِ، كالبَيعِ (١).
عِلمُ الوَكيلِ بالوَكالةِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكيلِ، هَلْ يُشترَطُ عِلمُه لصحَّةِ الوَكالةِ أو لا يُشترَطُ؟ وهل يَصحُّ تَصرُّفُه إذا وُكِّلَ ولَم يَعلَمْ بالوَكالةِ؟
فَذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّه يُشترَطُ لصحَّةِ الوَكالةِ عِلمُ الوَكيلِ بها، فلَو وكَّل رَجُلًا بطَلاقِ امرَأتِه والوَكيلُ غائِبٌ لا يَعلَمُ، فطَلَّقها، فالطَّلاقُ باطِلٌ، أو وكَّله بشِراءِ شَيءٍ فاشتَراه وهو لا يَعلَمُ بتَوكيلِه فالشِّراءُ باطِلٌ، وكَذلك سائِرُ العُقودِ؛ لأنَّ الوَكالةَ لا تَثبُتُ قبلَ عِلمِ الوَكيلِ بها، كما في العَزلِ، لا يَثبُتُ قبلَ عِلمِه؛ وهذا لأنَّ حُكمَ الخِطَابِ في حَقِّ المُخاطَبِ لا يَثبُتُ ما لَم يَعلَمْ به؛
(١) «مواهب الجليل» (٧/ ١٤٦، ١٤٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٧٠، ٧١)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٧٠)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٨)، و «البيان» (٦/ ٤٠٥، ٤٠٦)، و «الوسيط» (٤/ ٢٩٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٨)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥١)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٩)، و «المغني» (٥/ ٥٤)، و «المبدع» (٤/ ٣٥٦)، و «الفروع» (٤/ ٢٦٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٣٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠١، ٥٠٢)، و «منار السبيل» (٢/ ١٦٢)، و «الروض المربع» (٢/ ٥٧).