للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ رشدٍ في رسمِ الدورِ مِنْ سماعِ يَحيى في كِتابِ السِّدادِ والأَنهارِ: وحَدُّ البَعيدِ مِنْ العُمرانِ الذي يَكونُ لمن أَحياه دونَ إذنِ الإمامِ ما لم يَنتهِ إليه مَسرحُ العُمرانِ واحتِطابُ المُحتطِبينَ إذا رجَعُوا إلى المَبيتِ في مَواضعِهم مِنْ العُمرانِ انتهى (١).

إِحياءُ ما كانَ مِنْ مَرافقِ العامرِ:

لا خِلافَ بينَ الفَقهاءِ على أنَّ ما كانَ مِنْ مَرافقِ العامرِ ومَصالحِه لا يَجوزُ إِحياؤُه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وما قرُبَ مِنْ العامرِ وتعلَّقَ بمَصالحِه مِنْ طُرقِه ومَسيلِ مائِه ومَطرحِ قُمامتِه ومَلقى ترابِه وآلاتِه فلا يَجوزُ إِحياؤُه بغيرِ خِلافٍ في المَذهبِ، وكذلك ما تَعلقَ بمَصالحِ القريةِ كفِنائِها ومَرعى ماشيتِها ومحتطبِها وطرقِها ومَسيلِ مائِها لا يُملَكُ بالإِحياءِ، ولا نَعلمُ فيه أيضًا خِلافًا بينَ أهلِ العلمِ، وكذلك حَريمُ البِئرِ والنَهرِ والعَينِ وكلِّ مَملوكٍ لا يَجوزُ إِحياءُ ما تَعلقَ بمَصالحِه؛ لقولِه : «مَنْ أَحيا أرضًا مَيتةً في غيرِ حقِّ مُسلمٍ فهي له»، مَفهومُه أنَّ ما تَعلقَ به حقُّ مُسلمٍ لا يُملَكُ بالإِحياءِ، ولأنَّه تابعٌ للمَملوكِ، ولو جوَّزْنا إِحياءَه لبطَلَ الملكُ في العامرِ على أَهلِه، وذكَرَ القاضِي أنَّ هذه المَرافقَ لا يَملكُها المُحيِي بالإِحياءِ، لكن هو أحقُّ بها مِنْ غيرِه؛ لأنَّ الإِحياءَ الذي هو سَببُ الملكِ لم يُوجَدْ فيها (٢).


(١) «مواهب الجليل» (٧/ ٤٦٧)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٢٥).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٣٠)، ويُنظَر: «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٧)، و «البيان» (٤٧٩، ٤٨١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٠٤)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢١٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤١١، ٤١٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>