للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ حَزمٍ : واتَّفَقوا على وُجوبَ الحَجْرِ على مَنْ لَم يَبلُغْ، وعلى مَنْ هو مَجنونٌ مَعتوهٌ أو مُطبِقٌ لا عَقلَ له، وأنَّ كلَّ ما أنفَذَ مَنْ ذَكَرْنا في حالِ فَقْدِ عَقلِه أو قبلَ بُلوغِه مِنْ هِبةٍ أو عِتقٍ أو بَيعٍ أو صَدَقةٍ باطِلٌ، واختَلَفوا في ابتياعِه ما لا بُدَّ له منه مِنْ قُوتِه ولِباسِه (١).

وقال ابنُ هُبيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّه لا يَصحُّ بَيعُ المَجنونِ (٢).

ضَمانُ ما يُتلِفُه المَجنونُ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّ المَجنونَ لو أتلَفَ شَيئًا مِنْ مالٍ مُقوَّمٍ أو نَفْسٍ حالَ جُنونهِ وَجَب عليه الضَّمانُ.

قال الإمامُ النَّوَويُّ : إذا أتلَفَ النائِمُ بيَدِه أوغَيرِها مِنْ أعضائِه شَيئًا في حالِ نَومِه يَجبُ ضَمانُه بالاتِّفاقِ، وليس ذلك تَكليفًا لِلنائِمِ؛ لأنَّ غَرامةَ المُتلَفاتِ لا يُشترَطُ لها التَّكليفُ بالإجماعِ، بل لو أتلَفَ الصَّبيُّ أو المَجنونُ أو الغافِلُ وغَيرُهم ممن لا تَكليفَ عليه شَيئًا وَجَب ضَمانُه بالاتِّفاقِ، ودَليلُه مِنَ القُرآنِ قَولُ اللهِ : ﴿وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾، فرَتَّبَ على القَتلِ خَطَأً الدِّيةَ والكَفَّارةَ، مع أنَّه غيرُ آثِمٍ بالإجماعِ (٣).


(١) «مراتب الإجماع» ص (٥٨).
(٢) «الإفصاح» (١/ ٣٤٥)، ويُنظر: المَصادِر السابقَة.
(٣) «شرح مسلم» (٥/ ١٨٦، ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>