اختَلفَ الفُقهاءُ في النَّفَقةِ على الزَّرعِ مِنْ السِّرقينِ، والسِّمادِ، ونَحوِ ذلك، هل تَكونُ على المالِكِ والعامِلِ معًا أو على ربِّ الأرضِ أو على العامِلِ؟
قالَ الحَنفيَّةُ وكذا المالِكيَّةُ: كلُّ ما كانَ مِنْ بابِ النَّفَقةِ على الزَّرعِ مِنْ السِّرقينِ وقَلعِ الحَشاوةِ، ونَحوِ ذلك، فعليهما على قَدْرِ حَقِّهما، وكذلك الحَصادُ والحَمْلُ إلى البَيدَرِ، والدِّياسُ وتَذريتُه؛ لِمَا ذَكَرْنا مِنْ أنَّ ذلك ليس مِنْ عَملِ المُزارَعةِ حتى يَختَصَّ به المُزارَعُ (١).
وأمَّا الحَنابِلةُ فقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فأمَّا شِراءُ ما يُلَقَّحُ به فهو على ربِّ المالِ، وإنْ تكَرَّرَ؛ لأنَّ هذا ليس مِنْ العَملِ.
فأمَّا البَقَرةُ التي تُديرُ الدُّولابَ؛ فقالَ أصحابُنا: هي على ربِّ المالِ؛ لأنَّها ليسَتْ مِنْ العَملِ؛ فأشبَهَتْ ما يُلَقَّحُ به، والأَوْلَى أنَّها على العامِلِ؛ لأنَّها تُرادُ لِلعَملِ؛ فأشبَهَتْ بَقَرَ الحَرثِ، ولأنَّ استِقاءَ الماءِ على العامِلِ إذا لَم يَحتَجْ إلى بَهيمةٍ، فكانَ عليه، وإنِ احتاجَ إلى بَهيمةٍ، كغَيرِه مِنْ الأعمالِ.
فأمَّا تَسميدُ الأرضِ بالزِّبْلِ إنِ احتاجَتْ إليه، فشِراءُ ذلك على ربِّ
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨٢)، و «الهندية» (٥/ ٢٣٧)، و «المعونة» (٢/ ١٣٧، ١٣٨).