للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يُصلَّى في اللَّيلِ بتَكبيرةٍ أكثرَ مِنْ رَكعتَينِ، وبذلك نَأخُذُ، وهو أصحُّ القولَينِ عندَنا في ذلك (١).

التَّحَوُّلُ من المَكانِ للتَّطوُّعِ بعدَ الفَرضِ:

ذَهب الفُقهاءُ إلى أنَّ الأفضلَ لِلمُتنفِّلِ أن يُصلِّيَ في بَيتِه، فإن لم يُصلِّ في بَيتِه وأرادَ التَّنفُّلَ في المَسجدِ فإن كانَ إمامًا فإنَّه يُستحبُّ له أن يَتحوَّلَ من مَكانِه بالاتِّفاقِ، ويُكرَهُ له أن يَتنَفَّلَ في مَكانِه؛ وذلكَ لقولِ النَّبيِّ : «لَا يُصلِّ الإِمَامُ في المَوضِعِ الذي صلَّى فيه حتى يَتَحَوَّلَ» (٢).

وقالَ علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ : «لا يَتطوَّعُ الإِمَامُ في المَكانِ الذي أَمَّ فيه القَومَ حتى يَتَحَوَّلَ أو يَفصِلَ بِكلَامٍ» (٣).

إلا أنَّ الإمامَ مالِكًا كَرِهَ له -أي: الإمامِ- التَّنفُّلَ بعدَ الجمُعةِ في المَسجدِ مُطلَقًا، ولو في غيرِ مَكانِه.

واختَلَفوا فيما لو كانَ غيرَ إمامٍ؛ هل يَتحوَّلُ ويُصلِّي النَّفلَ في مَكانٍ غيرِ الذي صلَّى به الفَرضَ أو لا؟

فذَهب الإمامُ مالِكٌ وأحمدُ إلى أنَّه بالخِيارِ، إن شاءَ تَحوَّلَ وإن شاءَ صلَّى في مَكانِه، ولا يُكرَهُ له إن صلَّى في مَكانِه.

وذَهب الإمامُ أبو حَنيفَةَ والشافِعيُّ إلى أنَّه يُستحبُّ له التَّحوُّلُ أيضًا، كالإمامِ.


(١) «شرح معاني الآثار» (١/ ٣٣٦).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٦١٦).
(٣) رواه ابنُ أبي شيبة (٢/ ٢٤)، وحسَّنَهُ الحافظَ في «الفتح» (٢/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>