للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فللواهِبِ الخيارُ، إنْ شاءَ قبَضَ وإنْ شاءَ رجَعَ في الهِبةِ، وإنْ كانَ المَوهوبُ مُستهلَكًا رجَعَ بقيمَتِه إنْ شاءَ؛ لأنَّ الرِّضا بالقَبضِ كانَ بشَرطِ العِوضِ المُقدَّرِ ولم يُسلَّمْ، فبَقيَ قَبضُه قَبضَ ضَمانٍ فيَرجعُ بقيمَتِه لهذا (١).

إذا أرادَ الواهِبُ الرُّجوعَ في الهِبةِ وادَّعى المَوهوبُ له أنَّها هلَكَت:

قالَ الحَنفيةُ: إذا أرادَ الواهِبُ الرُّجوعَ في الهِبةِ وادَّعى المَوهوبُ له أنَّها هلَكَت فالقَولُ قَولُ المَوهوبِ له، ولا يَمينَ عليه؛ فإنْ عيَّنَ الواهِبُ شَيئًا وقالَ: هذا هو الهِبةُ حلَفَ المَوهوبُ له عليه (٢).

إذا اختَلَفا هل هي وَديعةٌ أو هِبةٌ؟

قالَ الحَنفيةُ: رَجلٌ وهَبَ لرَجلٍ مَتاعًا ثم قالَ: «إنَّما كُنْتُ استَودعتُك». فالقَولُ لصاحِبِ المَتاعِ مع يَمينِه، فإذا حلَفَ أخَذَ المَتاعَ، وإنْ وجَدَه هالِكًا؛ فإنْ كانَ هلَكَ بعدَما ادَّعى المُستودَعُ الهِبةَ فالمُستودَعُ ضامِنٌ القيمةَ؛ لأنَّ التَّملكَ بالهِبةِ لم يَثبُتْ بقَولِه، فبعدَ ذلك إنْ كانَ المَتاعُ وَديعةً في يَدِه فجُحودُ الوَديعةِ سَببُ الضَّمانِ، وإنْ لم يَكنْ وَديعةً في يَدِه فأخْذُ مالِ الغيرِ على وَجهِ التَّملُّكِ سَببٌ للضَّمانِ إلا أنْ يَثبُتَ التَّملكُ من صاحِبِه ولم يَثبُتْ، وإنْ كانَ الهَلاكُ قبلَ دَعوى الهِبةِ فلا ضَمانَ (٣).


(١) «المحيط البرهاني» (٦/ ١٨٨)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٩٩).
(٢) «المحيط البرهاني» (٦/ ١٨٩).
(٣) «المحيط البرهاني» (٦/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>