للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ التَّاسعةُ: إذا اشترَكَ جَماعةٌ في العَملِ:

قالَ الشَّافِعيَّةُ: ولو عمَّم المالِكُ النِّداءَ، كَأنْ قالَ: «مَنْ رَدَّ عَبدي فله كذا» واشترَكَ حينَئذٍ اثنانِ مثلًا غيرُ مُعيَّنَيْنِ في رَدِّه، اشترَكا في الجُعْلِ؛ لِحُصولِ الرَّدِّ مِنهُما، والِاشتِراكُ فيه على عَدَدِ الرُّؤوسِ، وإنْ تَفاوَتَا في العَملِ؛ لأنَّه لا يَنضَبِطُ، أي: في الأغلَبِ، حتى يَقَعَ التَّوزيعُ عليه.

وهذا إذا عمَّم النِّداءَ، كقولِه: مَنْ رَدَّه فله كذا، أو قالَ لِنَفَرٍ: إنْ رَدَدتُموه فلَكم كذا، وعُلِمَ مِنه أنَّه لا يُزادُ بزِيادةِ الرَّادِّ، بخِلافِ ما لو قالَ: مَنْ دخَل دَارِي أُعطِيه دِرهَمًا، فدخَل جَمْعٌ، استَحقَّ كلُّ واحِدٍ دِرهَمًا؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ دخَل، وليسَ كلُّ واحِدٍ رَادًّا لِلعَبدِ، بَلِ الجَميعُ رَدُّوه؛ فلِذلك اشترَكوا في الجُعْلِ على عَدَدِ الرُّؤوسِ؛ لأنَّ العَملَ في أصْلِه مَجهولٌ، لا يُوزَّعُ عليه.

وقالَ الإمامُ: لا يَبعُدُ التَّوزيعُ على أُجورِ أمثالِهم، فإنَّ الأُجرةَ إنَّما تُدفَعُ إليهم عندَ تَمامِ العَملِ؛ فإذا تَمَّ فقَد انضَبَطَ ما صَدَرَ مِنْ كُلٍّ مِنهم.

ولو قالَ: مَنْ رَدَّ العَبدَيْنِ مِنْ كذا، فله دِينارٌ، فرَدَّهُما سامِعٌ مِنْ نِصفِ المَسافةِ، أو رَدَّ أحَدَهما مِنْ جَميعِها، استَحقَّ النِّصفَ، عَملًا بالتَّوزيعِ على العَملِ.

أو قالَ لِاثنَيْنِ: إنْ رَددْتُما العَبدَيْنِ فلَكُما كذا، فرَدَّهُما واحِدٌ مِنهُما، فله النِّصفُ، أو رَدَّ أحَدُهما واحِدًا مِنْ العَبدَيْنِ، فله الرُّبُعُ لِذلك فيهِما.

قالَ السُّبكيُّ : ولو قالَ: أيُّ رَجُلٍ رَدَّ عَبدي فله دِرهَمٌ، فرَدَّه اثنانِ، اقتَسَما الدِّرهَمَ بينَهما، على الأقرَبِ عِنْدِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>