وقد أوَّلَ الحَنفيةُ اللَّعنَ الوارِدَ في شأنِ المُحلِّلِ بتَأويلاتٍ أُخرى غيرِ ما ذكَرَها الكاسانِيُّ ﵀، منها: أنَّ اللعنَ على مَنْ شَرَطَ الأجرَ على التحليلِ، قالَ ابنُ عابدينَ ﵀: واللعنُ على هذا الحَمْلِ أظهَرُ؛ لأنه كأخذِ الأجرةِ على عَسَبِ التَّيْسِ وهوَ حرامٌ، ويُقرِّبُه أنه ﵊ سمَّى المُحلِّلَ بالتَّيسِ المُستعارِ (١).
الصُّورةُ الثانِيةُ: أنْ يَتزوَّجَها ويشترطَ في العقدِ أنه إذا أحَلَّها للزَّوجِ الأوَّلِ طلَّقَها:
اختَلفَ الفُقهاءُ في هذهِ الصورةِ، وهوَ أنْ يتزوَّجَها وإذا أحَلَّها للزوجِ الأولِ طلَّقَها، بأنْ يقولَ الوليُّ مثلًا:«زوَّجْتُكَ ابنتي على أنَّكَ إنْ وَطئْتَها طلَّقْتَها»، أو قالَ:«تزوَّجتُكِ على أني إنْ أحلَلْتُكِ للأولِ طلَّقتُكِ»، أو تقولَ:«تزوَّجْنِي على أنكَ إنْ أحلَلْتَني للأولِ طلَّقتَنِي».
فذهَبَ الحَنفيةُ في المُفتى بهِ عندَهم والشافِعيةُ في القديمِ إلى أنَّ النكاحَ صحيحٌ والشرطَ باطلٌ؛ لأنَّ العقدَ وقَعَ مُطلَقًا مِنْ غيرِ توقيتٍ، وإنَّما شرَطَ على نفسِهِ الطلاقَ، فلم يُؤثِّر في النكاحِ؛ لأنه لو تزوَّجَها على أنْ لا يُطلِّقَها كانَ النكاحُ جائزًا ولهُ أنْ يُطلِّقَها، كذلكَ إذا تزوَّجَها على أنْ يُطلِّقَها وجَبَ أنْ يَصحَّ النكاحُ ولا يَلزمُه أنْ يطلِّقَها.
ولأنَّ عُموماتِ النكاحِ تَقتضي الجوازَ مِنْ غيرِ فصلٍ بينَ ما إذا شُرِطَ