للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢ - الاحتِقانُ (الحُقنةُ الشَّرَجيَّةُ):

الاحتِقانُ: صَبُّ الدَّواءِ أو إدخالُ نَحوِه في الدُّبُرِ (١) وقد يَكونُ بمائِعٍ أو بغَيرِه:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الاحتِقانَ بالمائِعِ من الماءِ -وهو الغالِبُ- أو غَيرِ الماءِ، يَفسُدُ الصَّومُ ويُوجِبُ القَضاءَ.

مُعلِّلين ذلك بأنَّه يَصِلُ به الماءَ إلى الجَوفِ من مَنفَذٍ مَفتوحٍ، وبأنَّ غَيرُ المُعتادِ كالمُعتادِ في الواصِلِ، ولأنَّه أبلَغُ وأوْلى بوُجوبِ القَضاءِ من الاستِعاطِ بسَببِ الفَريضةِ الفاسِدةِ.


= الأكلِ والشُّربِ، والحُكمُ ثابِتٌ على وَفقِه، وكَلامُ الشارِعِ قد دَلَّ على اعتِبارِ هذا الوَصفِ، وتأثيرِه، وهذا المَنعُ مُنتَفٍ في الحُقنةِ والكُحلِ وغَيرِ ذلك. فإنْ قيلَ: بل الكُحلُ قد يَنْزِلُ إلى الجَوفِ ويَستحيلُ دَمًا. قيلَ: هذا كما قد يُقالُ في البُخارِ الذي يَصعَدُ من الأنفِ إلى الدِّماغِ فيَستَحيلُ دَمًا، وكالدُّهنِ الذي يَشرَبُه الجِسمُ. والمَمنوعُ منه إنَّما هو ما يَصِلُ إلى المَعِدةِ فيَستحيلُ دَمًا ويَتوزَّعُ على البَدَنِ.
ونَجعَلُ هذا وَجهًا سادِسًا فنَقيسُ الكُحلَ والحُقنةَ ونَحوَ ذلك على البَخورِ والدُّهنِ ونَحوِ ذلك لِجامِعِ ما يَشترِكان فيه من أنَّ ذلك ليس ممَّا يَتغَذَّى به البَدَنُ، ويَستحيلُ في المَعِدةِ دَمًا، وهذا الوَصفُ هو الذي أوجَبَ ألَّا تَكونَ هذه الأُمورُ مُفطِرةً، وهذا مَوجودٌ في مَحَلِّ النِّزاعِ. والفَرعُ قد يَتجاذَبُه أصلانِ، فيُلحَقُ كلٌّ منهما بما يُشبِهُه من الصِّفاتِ … «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٣٦، ٢٥٣).
(١) «المصباح المنير» مادة (حقن)، و «مراقي الفلاح» (٣٦٧)، و «الإقناع» (٢/ ٣٢٩) والمُرادُ به هنا الحُقنَة الشَّرجِيَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>